هل فكرت يومًا في أن المرض قد يكون رسالة إلهية تحمل في طياتها حكمًا وفوائد لا تُحصى؟
إنه ليس دعوة للتشجيع على حب المرض، بل تأمل في معاني الألم والصبر التي تغير نظرتنا للحياة.
فقد مررتُ بتجربة شخصية مع المرض خلاص الأيام الماضية، أحيت بداخلي معاني كيرة غابت وسط انشغالات الحياة وكنت كلما مرضت خلال السنوات الماضية فكرت في الكتابة ولكن للأسف لم يسعفني الوقت.
وإليكم بعض الفوائد التي خطرت ببالي الآن وسأضيف إليها المزيد من خلال رسائلكم وتصويباتكم في التعليقات.
1- الشعور بالعجز والتواضع أمام قدرة الله
المرض يجعل الإنسان يدرك ضعفه الحقيقي، فعندما تعجز عن القيام بأبسط المهام، تتذكر أنك مخلوق صغير بين يدي خالق عظيم. قال تعالى: وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا.
حين تمرض، يتلاشى شعور الكبرياء، ويحل مكانه تواضع ينير قلبك ويجعلك قريبًا من الله.
2- تقليل التعلق بملذات الدنيا
في المرض، يصبح الطعام الشهي والملذات المادية أقل أهمية، فغايتك تصبح لقمة تسد جوعك دون أن تضرك حيث تبحث عن الطعام المسلوق والخضروات ولا تفكر في أشهى الطعام.
إنها لحظة تعيد ترتيب أولوياتك، فتفكر: ما الذي يستحق حقًا السعي خلفه؟
3- قرب من الله وخشوع في الدعاء
المرض يقرب الإنسان من الله، حيث يشتد الدعاء وترق القلوب، وحين تخشى الموت، تكثر من ذكر الله، وتزداد تمسكًا بالصلاة والأوراد.
المرض يجعل الإيمان عميقًا والخشية حقيقية.
4- الابتعاد عن الشهوات
في لحظات الضعف الشديد، تجد نفسك منزوع القوة، فلا تفكر في الشهوات أو الرغبات الجنسية.
إنها فرصة لتطهير النفس من أعباء الدنيا والتركيز على الروح.
المرض يذكرك بالمقام الأعلى الذي يجب أن تسعى إليه.
5- الشفقة على الآخرين
عندما ترى مرضى يعانون أمراضًا أشد مما تعانيه، تشفق عليهم وتحمد الله على ما لديك.
إنها لحظة تجعلك من الشاكرين لله عز وجل رغم ما تعانيه.
المرض يعلمك التواضع أمام معاناة الآخرين.
6- التوكل على الله وحده
في المرض، تدرك أن الشفاء بيد الله وحده، وليس في يد الأطباء أو الأدوية ولذلك تتضرع لله وحده مع الأخذ بالأسباب لكن لا تعول كثيرا على الأطباء.
كثيرون شفوا بدون علاج، وكثيرون ماتوا رغم الأدوية.
قال تعالى: وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ.
المرض يزرع فيك يقينًا أن الله هو الشافي والمعافي.
7- الاحتساب والصبر
كل لحظة تمر بك فعليك أن تحتسبها عند الله وأن يكفر الله بها عن ذنوبك، كما قال النبي ﷺ: “ما يُصيب المسلمَ من نَصَبٍ، ولا وصَبٍ، ولا همٍّ، ولا حزنٍ، ولا أذًى، ولا غمٍّ، حتى الشوكة يُشاكها، إلا كفَّر اللهُ بها من خطاياه.”
المرض مدرسة تجعلك أكثر صبرًا وقوة في مواجهة مصاعب الحياة.
وختامًا: المرض فرصة لتطهير الروح والقلب، وفرصة لتجديد الصلة بالله.
أسأل الله أن يشفي كل مريض، وأن يجعل كل ألم درسًا ينير قلوبنا ويقربنا منه.
اللهم اجعلنا من الشاكرين في الصحة، ومن الصابرين في المرض، ومن الراجعين إليك في كل حال.
مصطفى الشرقاوي