في مقال للكاتب السويدي ” إيفيد لارسون ” في صحيفة se24، اعتبر أن حرية التعبير هي بمثابة الكتاب المقدس في السويد والمجتمعات الغربية، ولكنه كتاب مقدس لا يمكن حرقه، وهذا يجعلنا نتذكر تاريخ العصور الوسطي عندما تم منح حرية التعبير للكنيسة فبدأت تقرر ما هو المسموح وما غير المسموح للمجتمع ويتم تنفيذه باسم الرب .. حتى ضاق المجتمع بالكنيسة والرب الذي تدعو له الكنيسة وانقلبوا عليهما.
في العصر الحديث جاءت حرية التعبير لتطلق مفهوم جديد للحريات المجتمعية، ولكن هذه المرة باسم القانون العلماني الذي لا بدء يحدد للمجتمع ما هو مسموح وما هو غير مسموح .. والأمر قد يكون غير منطقي فالكتاب المقدس لحرية التعبير لديه مقايس خاصة به يجعلنا نتساءل هل حرية التعبير تتوقف عند التعبير عن رفض العلمانية ورموزها المقدسة؟
ويقول الكاتب مع تكرار حوادث حرق نسخة من ” القرآن” في السويد، انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي تساؤلات حول ” هل يمكن حرق علم الشواذ” وهو رمز مهم للإنسانية في السويد وأوروبا؟ وأيضا هل يمكن حرق كتاب “التوراة” ؟ وهو الكتاب المقدس لليهود؟
وأضاف الكاتب: من الملاحظ أنه لم يتطرق إلى الكتاب المقدس للمسيحيين الإنجيل ،وهذا ليس لأنه مقدس ..لا ..فهو أكثر كتاب تعرض لعدم التقدير من مجتمع حرية التعبير الغربي ، كما أن السياسيين السويديين أعلنوا رسميا ” أن في السويد يمكن حرق الكتب المقدسة للإسلام والمسيحية والسخرية من هذه الأديان. وآخرهم وزيرة الطاقة إيبا بوش التي صرحت بذلك، لكن لم يتحدث أي سياسي عن إمكانية حرق الكتاب المقدس لليهود؟!
وبالعودة إلى التساؤلات هل يمكن حرق علم الشواذ ولماذا؟ أجاب الكاتب: العلم لا قيمة له وفقاً للقانون، ولكن لأن الشذوذ رمز للإنسانية والفخر ويمثل فئة اجتماعية تعاني من الاضطهاد فإن القوانين في السويد ستعتبر أن حرق علم الشواذ هو بمثابة جريمة كراهية واضطهاد فئة اجتماعية عانت من الاضطهاد لعقود طويلة وبالتالي حرق علم الشواذ يحمل في طياته جريمة كراهية ولا يمكن منح تصريح تظاهر لفعل ذلك!
وماذا عن الكتاب المقدس التوراة؟ هو أيضا مثل أي كتاب مقدس يمكن حرقه وفقاً للقانون السويدي، ولكن هناك ثغرات قانونية قد تجعل حرق التوراة وعلم إسرائيل بمثابة “معادة للسامية”؟! وهي جريمة في القانون السويدي ولهذا لو وجدت الشرطة أن حرق التوراة وعلم إسرائيل قد يكون عمل يشير لمعاداة السامية فلن تسمح بذلك لأنه جريمة!
أنت تستطيع تطالب بحرية الجسد، ولكن لا تستطيع أن تطالب بعفاف الجسد فهذه جريمة شرف!
انت تستطيع أن تطالب بحق الشذوذ بين الجنس الواحد، ولكن لا يمكنك التحدث عن رفض مباركة زواجهم! فهذه جريمة كراهية!
أنت تستطيع حرق كتب مقدسة ولكن لا تستطيع حرق كتب مقدسة أخرى فربما تكون جريمة معاداة للسامية!
وسنجد عشرات الأمثلة الأخرى لكي نصل لنتيجة واحد أن حرية التعبير تمنح لأصحابها فقط دون الآخرين..
ويختم الكاتب مقالة بالقول “في حقيقة الأمر لا يوجد حريات كاملة في كل المجتمعات الإنسانية عبر التاريخ حتى في المجتمع الغربي ” فالحرية الكاملة يمنحها من يصنفها لنفسه فقط ويحرمها على الأخر ، في الغرب كانت العلمانية والإلحاد هي من كتبت لنا ماهي حريات التعبير وما هو مسموح وما هو غير مسموح .. وأما الحرية الكاملة فمنحتها لنفسها فقط.