كتبه: بدر آل مرعي
تكرر مرور هذا الأثر النبيل أمام ناظري الأيام الفائتة؛ قال إبراهيم : “كانوا يكرهون أخلاق التجار؛ ونظرهم في مداقّ الأمور، وكانوا يحبون أن يقال : فيه أخلاق السادة”[1]
وإني لأكره أخلاق التجار حتى في العلم؛ لأنها قائمة على التدقيق والمقايضة؛ فكمال العلم في النظر الكلي وإدراك الصورة كاملة والعطاء غير المشروط، وكمال الخلق في النظر الكلي للشخص دون اجتزاء الصورة من موقف أو اثنين مع سماحة نفس في العطاء.
هذا النظر الكلي في التعامل البشري يقتضي منا عدم التدقيق في عذر من اعتذر، أو الإلحاح في مخالفة رغبته، فما كل أحد يقدر على إبداء عذره؛ كما روي عن الإمام مالك.
وقد جُبل الناس على استثقال من يدفعك إلى إبداء ظرفك والاعتذار له بدعوى قياس المحبة؛ هذا ابتزاز روحي.
الحساسية -ياكرام- ليست من أخلاق السادة؛ وبعيدًا عن فلك المجاملة في مديح الحساسية فإني أراها مركّبة من حب الذات، وسوء الظن، والاتكاء المشاعري على الآخرين.
وإذا كان جمهور الفقهاء على جواز تلقين القاضي للمتهم فيما يدرأ عنه الحد -في نطاق وبشروط-؛ فكيف لا نلقن أحبابنا أعذارهم حين تلعثمهم الظروف “لعلك نسيت” “أعرف انشغالك” “قلبي معك” ثم قل ماعندك.
————
[1] مكارم الأخلاق للخرائطي ص136