كتب الأستاذ محمد إلهامي: لما أعلن قبل سنتيْن عن النية في إذاعة مسلسل “معاوية” (رضي الله عنه)، كان ذلك أمرًا مُفْزِعًا حقا؛ وهو مفزع لأكثر من سبب، أهمها:
1. أن الموقف العلمي والشرعي، بل الموقف المنطقي المنهجي، هو الكف عما شجر بين الصحابة، فمجرد فتح هذا الموضوع لعموم الناس فيه خطر عليهم.. خطر على دينهم، وبدينهم هذا يدخلون الجنة أو النار..
فالمسألة هنا كأن يأتي غير متخصص يقف على المسرح، فيعبث بالسلاح وبالقنابل، وهو يحسب أنه يعلم الناس علما ينفعهم في دنياهم!
هذا عملٌ يمنعه أي قانون، بل ويقف دونه أي عاقل.. لأنه ببساطة يمثل خطرا على أرواح الناس!
إذا كان أي عاقل يقبل ويرضى أن يحدث هذا المشهد، فليقبل الناس بالنقاش العلني الدرامي في الفتنة، وهو الموضوع المعقد الكبير علميا، كما أنه الموضوع الخطير على دين الناس لا على أبدانهم فقط.. فقد يخرج الواحد منهم من هذا المسلسل ويحمل في ضميره موقفا يكون سببا في دخوله النار.
2. أن الكاتب والمنتج كلاهما ليسوا من المؤتمنين على دين الناس.. فلا خالد صلاح يعرف بالعلم الذي يؤهله للكلام في الموضوع.. ولو فرضنا أنه قد عُرِف بالعلم وأنه مؤرخ متخصص وذو كفاءة، فإن كونه من كبار المنافقين ومشاهيرهم يجعله مجروح الأمانة.. يجب ألا يسمح له بالكلام في هذا الموضوع، ويجب أن يُحذَّر الناس من الاستماع له، مثلما يُحَذَّرون من الاستماع لأمثال علي جمعة وبرهامي وأحمد الطيب وسعيد البوطي ورسلان وغيرهم من رؤوس المنافقين الذين باعوا دينهم بدنيا غيرهم.
فكيف وقد جمع خالد صلاح السوأتيْن: جاهل ومنافق معًا؟!!
ثم كيف والمنتج لهذا العمل هو شبكة إم بي سي المعروفة بدورها الكبير في هدم الدين وتشويهه والتنفير عنه؟!!
3. دعنا نفرض أن الكاتب مؤهل وأمين، وأن الشبكة المنتجة نزيهة الأغراض والأهداف.. فوالله لا نأمن في هذه الحالة أن تصل الرسالة الأمينة النزيهة إلى عموم الناس، لسبب بسيط.. أن الأمر مشكلة معقدة اختلف فيها أفضل أجيال الامة عقولا ودينا.. ولذلك الغرض تحديدا كان الموقف الشرعي العلمي “الكف عما شجر بين الصحابة”..
فلو أن العاملين اجتهدوا في إعطاء الأمر حقه.. فكيف نضمن للعمل الدرامي أن يستطيع إيصال الأمر كما هو لعموم الناس، لا سيما وأدوات الدراما أدوات عاطفية تلعب على مشاعر الناس وليست أدوات علمية تخاطب عقولهم وحدها.
إن المرء ليجتهد أن يكتب الكلام واضحا صريحا بسيطا ثم يجد من فئة كبيرة من الجماهير أنها لم تفهمه، أو فهمت منه بعضا ولم تفهم بعضا، أو فهمت شيئا فالتزمت بعده لوازم ليست من لازم الكلام، أو لم تنتبه العقول إلى استدراكات منصوص عليها في النص نفسه..
فياليت شعري كيف يكون الجمهور أمام عمل درامي، عاطفي بالطبع، يشرح موضوعا معقدا، يتعلق بأديان الناس؟!!
فلو قد افترضنا أن العاملين على المسلسل اجتهدوا وسع طاقتهم، لكان حتما لازما أن سيخرج من بعد المسلسل قومٌ تشيعوا وقوم اتخذوا منهج النصب.. فكيف إن كان هؤلاء الذين أنتجوا هذا المسلسل على النحو الذي ذكرنا؟
ظلمات بعضها فوق بعض!!
على كل حال.. وحيث أن الكارثة قد وقعت بالفعل، والمسلسل سيبث بالفعل.. فإن غاية ما أملك أني -لما سمعت بهذا قبل عامين- أخرجت سلسلة “قصة الفتنة الكبرى” في (31) حلقة.. حاولت فيها جهدي شرح الأمر تجنبا لكثرة الأسئلة، ومناهضة -بما استطعتُ- للمذاهب الضالة من شيعة ونواصب وخوارج.
فمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر.. فليتجنب الفتن والشبهات، وليتجنب المسلسل!
كتب الأستاذ عمرو عفيفي: -مشكلة مسلسل (معاوية) ليس فقط أن كاتبه (الكاتب الصحفي خالد صلاح) لو دخل اختبار الشهادة الابتدائية الأزهرية فإنه يقينا لن ينجح في تجاوزه، ومع ذلك فهو يتناول قضية بهذه الدرجة من الخطورة والحساسية.
وليس أيضا أنك لا يمكنك التيقن أو الوثوق بأنه أصلا هو الكاتب الحقيقي، وليس واجهة لغيره، فليس عنده من الضمير الأخلاقي أو حسن السمعة ما يعطيك أي قدر من الثقة.
-لكن المشكلة الكبرى أن مثل هذه القضايا التاريخية إنما يتم اختيارها للعرض، وإنفاق هذه الميزانية الضخمة عليها لتحقيق أهداف سياسية.
لا تتوقع عزيزي المشاهد الجميل أن هذه الأموال تنفق لأجل زيادة ثقافتك التاريخية أو الإضافة لمعلوماتك!
ومعنى هذا باختصار أن الأحداث الحقيقية (أو التي قد يظنون بجهلهم أنها حقيقية) ستختلط عمدا بإسقاطات سياسية، وأقوال وأفعال وهمية يقصد بها استغلال حالة الإثارة والاستمتاع التي يصل لها المشاهد في تمرير رسائل سياسية تخدم الجهة الممولة (ومسلسل الحشاشين خير مثال).
وهكذا صديقي المشاهد الجميل اللذوذ في كل مرة يستغلون غريزيتك الاستهلاكية ورغبتك الدائمة في تحقيق هذه الدرجة العليا من الاستمتاع والإثارة (التي نجحوا في صنعها في سنوات سابقة) لأجل توجيهك والتسلل إلى عقلك، بالإضافة لما تخسره من وقتك وسلامة قلبك وغير ذلك.
لكن هذه المرة أضف إلى ذلك النيل من عقيدتك … نعم عقيدتك.
فالقضية المطروحة هذه المرة تتعلق بمسألة اعتقادية يعقد لها أكثر المصنفين في العقائد بابا خاصا، حول (الاعتقاد في الصحابة)
فالكلام عن الصحابة، والتقييم الديني والأخلاقي لهم، مسألة اعتقادية يؤدي الخطأ فيها إلى الخروج من فسطاط أهل السنة إلى ساحة أصحاب الأقوال البدعية والفرق المنحرفة.
أهل السنة ليسوا غافلين عن هذه الأحداث، وليسوا جاهلين بمقدار الخطأ والصواب عند أطرافها، لكتهم يتعاملون مع ذلك بميزان دقيق، تقوم كفتاه على تقوى الله تعالى والعدل والإنصاف، وحفظ المقام النبوي، ومقام الصحب والآل رضي الله عنهم أجمعين، بغير غرض دنيوي أو سياسي.
فهنيئا لهم بأمثالك صديقي المشاهد اللذوذ الذي سيفتح صحون عقله الفارغ على مصارعه ليتلقى ما يريدون إلقاءه فيه، في مقابل الإثارة والمتعة اللحظية التي يحصل عليها.
هنيئا لهم بك، وهنيئا لك بهم.
أما العقلاء والأتقياء فلابد أنهم سيصونون السمع والبصر عن ذلك، وإن أرادوا الخوض في مثل هذه القضايا سيسلكون لذلك طرقه السليمة، ووسائله العلمية المعتبرة، بعيدا عن المؤثرات الصوتية والإبهار البصري، وشرار الناس من الفنانين والفنانات.
كتب مصطفى الشرقاوي: في كل عام ومع اقتراب شهر رمضان، تتسابق القنوات لإنتاج أعمالٍ درامية، بعضها بهدف التسلية، وبعضها الآخر يحمل أجنداتٍ خبيثة تُزرع في عقول المشاهدين بخبث ودهاء.
هذه المرة، تُطلّ علينا قناة إم بي سي – صاحبة التاريخ الطويل في نشر الفساد ومحاربة القيم الإسلامية – بمسلسلٍ عن الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه.
معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه هو صحابي جليل كاتب الوحي لرسول الله ﷺ، وأحد فضلاء الصحابة، وأمير المؤمنين، ومؤسس الدولة الأموية التي نشرت الإسلام ووسّعت رقعة الأمة الإسلامية.
كان معروفًا بحلمه وحكمته في إدارة شؤون الدولة، ونحن كمسلمين نوقّره ونجله، ونعتقد أن الصحابة كلهم عدول، ونترحم عليهم جميعًا.
فجزاه الله خيرا عن الإسلام والمسلمين ورضي الله عنه وعن الصحابة أجمعين.
لكن السؤال الأهم: هل هذا المسلسل سوف يُنصف تاريخ معاوية رضي الله عنه أو علي بن أبي طالب وهو أحد شخصيات المسلسل؟ أم أنه مجرد أداةٍ جديدة لتشويه سيرة الصحابة وإعادة إحياء الفتن التي طواها التاريخ؟
لما نشرت عن المسلسل أمس على تويتر قال بعض المعلقين: يجب عليك أن تشاهد العمل حتى تحكم عليه!
نحن لسنا سفهاء ولا سذج حتى نصدق هذه الطريقة لترويج المسلسل عندنا مثل يقول: الجواب يبان من عنوانه… لا حاجة لمشاهدة المسلسل حتى نحكم عليه هذه مهمة الناقد لكن عامة الناس عليهم بمقاطعة هذه الأعمال حتى لا تتشجع هذه القنوات لإنتاج المزيد من التحريفات.
قضية شاهد واحكم هذه سذاجة مرفوضة، ومحاولة خبيثة لحشد الناس لمشاهدة المسلسل بدلاً من مقاطعته!
هل يُعقل أن نتوقع مسلسلًا يُعرض على قناة إم بي سي، ومؤلفه خالد صلاح، ويحتوي على العري والنساء الفاتنات والموسيقى الصاخبة أن يكون شيئا إيجابيًا!
هل من العقل توقع أن مسلسلًا بهذه المواصفات قد يكون طرحه نزيهًا أو منصفًا؟ بل هو تشويه متعمد لسيرة الصحابة الكرام، وخطوة جديدة في الحرب الإعلامية على الإسلام!
قناة إم بي سي ليست مجرد منصة ترفيهية، بل هي وسيلة إعلامية لها تاريخ طويل في نشر الفجور والتطبيع مع المنكرات ومحاربة الإسلام ولديها أجندة واضحة من خلال برامجها.. لا يمكن للأفعى أن تعطيك عسلا بل سمًا قاتلا وما تفعله إم بي سي أنها تخلط السم بالعسل أو العسل بالسم.
منذ سنوات وهذه القناة تصدر أعمالاً تحرف القيم، وتلمّع شخصيات فاسدة تعمل على التشكيك في الإسلام، وتشوه المسلمين وتلمع الغرب وتروج للمسلسلات الكورية والأجندة الغربية. فهل نثق في نواياها؟
يكفي أن مؤلف المسلسل هو خالد صلاح، وهو صحفي مصري معروف بعدائه للدين ، وهو من أصحاب الفكر العلماني الذين يسعون لفصل الإسلام عن حياة الناس وشارك في تشويه رموز الإسلام من خلال صحيفة اليوم السابع لا أعلم هل ما زال رئيسا لتحريرها أم لا. فكيف نتوقع من شخصٍ بهذه الخلفية أن ينقل لنا تاريخ الصحابة بعدل وأمانة وإنصاف بالتأكيد لديه روايته المحرفة؟
مثلا لو قالوا إبراهيم عيسى كتب سيناريو فيلم كذا وعارفين له أفلام تشوه رسالة الإسلام وتشوه الدعاة إلى الله. هل سنقول نشاهد الفيلم ثم نحكم؟ هذه سذاجة مفرطة ولا يقول بها عاقل، ونفس الكلام مع هذا المسلسل!
بالمناسبة بعض الأشخاص أيضًا اعترضوا على التحذير من المسلسل وقالوا: هناك مئات المسلسلات الفاجرة تعرض في رمضان فلماذا لا تحذر منها؟ على أساس أنا نصحت بها مثلا؟ هذه مسألة بديهية أننا نقاطع هذه المسلسلات جميعًا ولكن أيضًا هذا المسلسل ليس كبقية المسلسلات التي تحتوي على لهو ومنكرات، هو في الحقيقة أخطر بكثير من هذه المسلسلات التي لا ننصح بها وهي محرمة.
هذه المسلسلات تنحصر الخطورة في الانحراف الأخلاقي وهذه كارثة ومصيبة وتؤدي إلى ضياع الشباب والفتيات وحتى الكبار وتنشر الخيانة والشك والفسوق، لكن أيضًا المسلسلات التي تحرّف التاريخ وتُشوّه العقائد تترك أثرًا مدمرًا في الوعي الجمعي للأمة.
وعلى كل حال هذه المسلسلات الفاجرة ومسلسلات تحريف التاريخ والعقائد الهدف منها إفساد شهر رمضان المبارك على المسلمين بالملاهي وإفساد العقيدة بالتاريخ المزوّر.
القنوات الفضائية تغرق الناس بعشرات المسلسلات والبرامج الترفيهية التي تفوق ساعات اليوم نفسه، مما يجعل الإنسان أينما قلب القنوات يجد ما يُلهيه عن رمضان، وهو شهر الصيام والقرآن والعبادة.
فهل هذه صدفة؟ أم أنها خطة لإشغال المسلمين عن صيامهم وقربهم من الله؟
منذ حوالي شهر رصدت في إحدى الصفحات أكثر من ثلاثين مسلسلا في رمضان والآن تقريبا تضاعف العدد إضافة إلى البرامج الأخرى. هذه خطة شيطانية متكاملة يفسدون صيام الناس بالفسق والفجور، عبر المسلسلات التي تملأ الشاشات ليلاً ونهارًا. يفسدون عقول وعقائد الناس بتحريف التاريخ وتزوير الحقائق، حتى تنشأ أجيال مشوّشة لا تعرف دينها ولا رموزها الحقيقية.
من أخطر ما يمكن أن يُقال عن هذا المسلسل أنه يأتي في الوقت الذي ينتشر فيه فكر النواصب الجدد، الذين يُعادون آل بيت النبي ﷺ ويحاولون تشويههم عبر التاريخ لكن بطريقة جديدة وملتوية لأن التصريح بالسب والعداوة لن يأتي بنتائج مباشرة بل الوسيلة الجديدة اختراق أهل السنة من الداخل والزعم أننا نواجه الشيعة فنحرف التاريخ وننكر الروايات الصحيحة ونجرأ الناس على سب آل البيت والطعن فيهم والاستهانة بمكانتهم.
أيضًا إبراز شخصية معاوية رضي الله عنه بأسلوب غير متوازن على حساب الصحابي الجليل علي بن طالب رضي الله عنه، أو تقديم الأحداث برؤية تخدم تيارًا معينًا كالنواصب مثلا، هذه خطوة مقصودة لنشر هذا الفكر المنحرف الذي يضر بالأمة الإسلامية ووحدتها.
ولهذا، متابعة هذا المسلسل خطر مضاعف، فهو لا يحوي فقط مخالفات شرعية، بل يخدم أجنداتٍ فكرية منحرفة تمهد الأرضية لعقائد فاسدة.
يجب أن نُدرك أن معرفة سيرة الصحابة لا تأتي من شاشات التلفاز ولا من كتابات أصحاب الأجندات، بل من الكتب الموثوقة لأهل السنة والجماعة وكلام العلماء الثقات. أما هذه الأعمال، فهي مجرد تزييف مموّه يُباع تحت شعار الدراما التاريخية.
أيها الإخوة والأخوات، واجبُنا كمسلمين أن نحذر من هذه الألاعيب، وألا نكون عونًا على نشرها بالمشاهدة أو المتابعة أو الترويج. فالتاريخ الإسلامي أكبر من أن يُختزل في مسلسلٍ يهدف إلى المشاهدات والأجندات، وأقدس من أن يُلوّث بأيدي الإعلام الفاسد. لا تكن جزءًا من لعبة التضليل!
لمزيد من التفاصيل يرجى مراجعة هذا البث