
شهادة ألقى الله بها يوم القيامة: عشتُ فترةً من الزمن في حيٍّ يسكن فيه سيد القمني، دون أن أعلم أنه جارٌ لي.
وفي إحدى المرات، كدتُ أمرُّ أمام بيته دون قصد، فبادر أحد الأشخاص بتحذيري وتنبيهي، إذ كانت دوريات الشرطة تحرس منزله ليلَ نهار، ولا يُسمَح لأحد بالاقتراب منه.
لم يكن يخرج من بيته إلا في حماية الشرطة، فقد كان يعيش في رعب دائم من أولئك العرب الذين يجلدهم صاحب الحساب.
ولا أدري، هل هذا الشخص من العرب أصلًا؟ وإن كان كذلك، فما الذي قدمه سوى الثرثرة؟
وهو – بحسب صفحته على فيسبوك – يعيش آمنًا في مصر، لا يتحرك، ولا يُخاطر، ولا يُرى له أثر في أي ميدان، ثم يُمطر الناس باللوم ويطالبهم بما لا يجرؤ هو على فعله!
ثم فرج فودة كان في مصر أيضًا… فهلا ذكّرتنا كيف انتهى به المطاف يا فَتّان؟
على كل حال، فقد وقفتُ على ردٍّ رائعٍ على كلامه، ورغم طوله، فهو نفيسٌ جديرٌ بالقراءة، لمن أراد أن يُبصر موضع قدمه في هذه الأحداث المضطربة التي زلَّ فيها كثيرون، وسقطوا في مستنقع الترويج للشيعة الرافضة، أعداء الإسلام.
كتاب الأخ أيمن وادي من أبناء غزة: مثال آخر على الهرطقة التي تطل برأسها نتيجة الحرب الحالية، والعجيب أنها ليست هرطقة مبنية حتى على شيء من الحقيقة مما يشكل فتنة… بل هرطقة قائمة على الأوهام والأكاذيب بشكل كامل…
لا أعرف الأخ ومن أين هو… وإن كان استدلاله بسيد القمني يقول من أي البلاد جاء ولماذا يشعر (بانعدام الحمية)، لكن حتى هذا المشهد الجغرافي الضيق يفترض بأي صاحب عقل (بنصف ليرة) ألا يسقط بسببها في مثل هذه الهرطقة..
الانفصام عن التاريخ:
في تاريخنا الإسلامي أربع دول يمكن وصفها (بالامبراطورية) أو (القوى العظمى) التي حكمت سواد العالم الإسلامي:
1. دولة الخلافة الراشدة
2. الدولة الأموية
3. الدولة العباسية
4. الدولة العثمانية
وبغض النظر عن التفاصيل الكارثية في هذه الامبراطوريات (باستثناء الخلافة الراشدة)… ألا أن هذه الإمبراطوريات الأربع سنية ولم تكن شيعية… وهذه الإمبراطوريات كان نصيبها 100% من الفتوحات الإسلامية…
وخلال هذا التاريخ وفي فترات انحدار وتفكك الدولة العباسبة تحديدا ظهرت كيانات ودول للشيعة عدة تمركزت في العراق وايران واليمن، وواحدة في مصر… وظهرت بعد الكيانات الصغيرة ربما في الاندلس.
أشهرها الدولة البويهية والصفوية والزيدية والفاطمية والحشاشون، وكانت هذه الدول منحصرة في بقعها الجغرافية المحدودة ولم تحكم يوماً كلية الأمة، وكان نصيبها من الفتوحات الإسلامية (صفر) %
ربما الاستثناء الوحيد كان في الدولة الصفوية بفتوحات محدودة جداً جداً في القوقاز (نواحي اذربيجان وجورجيا وأرمينيا الحاليتين)، وكان ضمن الصراع على النفوذ مع الدولة العثمانية ولم تكن فتوحات بالمعنى التاريخي المفهوم.
الانفصام عن الحاضر:
في القرن العشرين، وفي كل الثغور الجهادية والمناشط الإسلامية والحركات والتنظيمات، والتي قرأنا عنها أو التي عاصرناها بأنفسنا في العقدين الماضيين، كانت نسبة الجهاد 98.999999% سني… أما ما يسمى بالجهاد الشيعي فلم يكن له أثر يذكر…
ظهرت فصائل شيعية في العراق قاتلت المحتل الامريكي دفاعاً عن (مقتدى الصدر)، ولكنه كان شبه صفري أمام الجهاد السني في العراق، وكان هدف مقتدى سياسي بحت لتحصيل مكاسب سياسية من الأمريكان.
كما ظهرت بعد الفصائل الشيعية في أفغانستان في مقاومة الغزو السوفيتي، لكنها كانت محدودة الأثر والعدد والعدة، وتكاد لا تذكر هناك
الاستثناء الوحيد كان حزب اللات في لبنان في فترته الأولى، وللمفارقة أن العنصر الفاعل في بأس الحزب وقتها، كان عماد مغنية، والذي تربى وعاش وترعرع وتعلم على يد فتح الفلسطينية (السنية وإن كانت علمانية).. ثم كانت للحزب حربه اليتيمة في 2006 بقيادته والتي بالمناسبة لا نملك توثيقا مرئياً واضحاً فيها عن البأس الجهادي الشيعي، كل ما لدينا هو (رواية) الحزب عن (مجازر الدبابات).
الانفصام عن اللحظة:
وأما اللحظة، فكان الطوفان أعظم عمل عسكري يتم ضد العدو الصهيوني منذ احتلال فلسطين على يد رجال الله السنة الميامين في غزة، وكان خطأهم الأساسي أنهم (ظنوا) أن هناك بأس شيعي يمكن أن يستندوا عليه، فأطلت عليهم جبهات إسناد غادرة تنصلت من اتفاق وحدة الساحات وارتجفت فرقا عندما حضرت حاملة الطائرات الأمريكية، فاكتفت برفع العتب تحت مسمى الاسناد، حتى جاء العدو وقضى عليها في لبنان وجعلها كأنها لم تكن، رغم ادعاءات الحزب عن قتلى وعمليات وتدمير دبابات…. وفي الوقت الذي نشر رجال الله مئات الفيديوهات يوثقون فيها عملياتهم عن تدمير الدبابات في غزة، ورأينا رجالنا الميامين يخرجون من باطن الأرض ينقضون على آليات وجنود العدو يدمرونها… رأينا تقريباً صفر توثيقات لادعاءات الحزب خلال شهري الحرب… قبل أن ينهار بالكلية….
النقطة المضيئة الوحيدة في الطوفان هي شيعة اليمن، وللمفارقة تلعب أصولهم الزيدية واليمنية دوراً كبيراً في رجولتهم التي وقفوها والتزامهم بوحدة الساحات كما أراد أبو ابراهيم… هم لوحدهم من فعل…
فإن كانت هذه هي حقائق التاريخ والحاضر واللحظة…فعن أي حقائق ظاهرة يتحدث هذا العبد الله؟؟؟
أها… لعله يقصد الصواريخ الايرانية التي تدك دولة الكيان منذ أسبوع، والتي لم تخرج من مخابئها إلا بعد أن انقض الصهاينة على رأس الشيعة الاثنا عشرية في طهران وقتلوا ودمروا وانتهكوا وفجروا… وقتها ظهرت غريزة القط المحشور في الزاوية الذي يدافع عن نفسه… والتي يصفها ابن عثمان (بالأكثر حمية واعتداد بالكرامة)!!!!
ألا بئس ما تنطقون…
عزاؤنا أن هؤلاء لا يمتلكون نفيراً ولا نفوذاً إلا على صفحات التواصل… أما ثغورنا التي تقاتل منذ عقود في فلسطين وفي الشام يقظة كل اليقظة لهذه الهرطقة وباتت تميز غثها من سمينها….
ولا أظن صاحب هذا المنطق ببعيد عن تلك الحركة التي نشرت بياناً بالأمس وكأنها دولة عظمى لها من الأمر شيء وهي تمجد طهران… في حين هي جثة حية تنتظر من يشيعها إلى مثواها الأخير…