تخيلوا .. أنه كان من أكبر عوائق فهم الفلسفة وعلم الكلام عليَّ في بداية الطلب أني لم أكن أظن مفرداتها ونظرياتها بهذه التفاهة والسخف، فكنت أقرأ المبحث فأقول: ماذا يراد بهذا؟ أكيد لم يرد ما فهمته، وإلا لما كان هذا الفن بالصعوبة التي يتحدثون عنها، حتى تبين لي بعد لَأيٍ أن الألفاظ الضخمة، والمركبات الغريبة، والصياغة الملغزة أعظم أسباب استغلاقها ..
نعم هناك مباحث لا يتصورها كل أحد، وهي حقا صعبة وهذا والله لا لشيء إلا أنه جهد بشري محض يخاطب عقولا بغير ما خاطبها الله به، بل بضده في كثير من الأحيان، ولذلك أقول بوضوح:
جل المباحث لو اكتُفي فيها بنصوص الوحيين لما كان هناك صعوبة، ولكن ماذا عسانا نقول؟ الناس – كما ذكر الخطابي رحمه الله- أصبحتْ تحس بأن تيسير الوحي للفهم لا يليق بعقولهم، وأنهم لن يتفردوا إلا بنظريات وفلسفات عقلية محضة، يظهرون ل أ على غيرهم، ويستخفون بسببها بعقول من اكتفى بالوحي.
لا أتحدث عن العقل، بل عن الفلسفات والنظريات الكلامية والعقلية، وإلا فالنظر العقلي لا يعارض الأخذ بالوحي.
محمد سعد الأزهري