تأمل معي اليوم حملات التوعية ضد مخاطر كورونا التي يشارك فيها الجميع كل حسب استطاعته ودعوات الناس للبقاء في المنازل حتى لا يتشفى الوباء .. بل أحيانا نجد شدة لفظية أو حتى بدنية على المستهترين من الدعاة إلى الالتزام بالحجر المنزلي .. وهذه الحملات يشارك فيها الجميع .. الطبيب وغير الطبيب .. لأن الكل في سفينة واحدة .. والجائحة إذا عمت.. فإن الثمن سيدفعه الجميع .. ولن يكون هناك فرق بين ملتزم ومستهتر .. طيب أسقط هذا الواقع على شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. ستجده متطابقا تماما .. وستجد أن حملات التوعية هذه من جنس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. وأن هذه الشعيرة إذا عطلت سيعم البلاء على الناس جميعا .. وأن الذين يتبرمون منها بدعوى دع الخلق للخالق ولن يدخل أحد قبر أحد وكل إنسان سيحاسب وحده وغير ذلك من المفاهيم الليبرالية .. كلها دعاوى فارغة .. لا يسعفها شرع ولا عقل .. وإن جوز أحد لأي سبب كان أن يُحجر على شعيرة الحسبة .. فعليه أن يجوز الحجر على حملات التوعية ضد الكورونا .. فكلاهما من جنس واحد ومآلاتهما في الدنيا واحدة مع زيادة عذاب في الآخرة لتعطيل الحسبة .. ولقد أخبر الله تعالى عن أصحاب السبت بأنه نجى منهم فقط من كان ينهى عن المنكر ( فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ) .. واشترك في العذاب من خالف أمر الله ومن سكت عن تلك المخالفة .. ما زال كورونا يدهشني في دروسه التي نستنبطها منه .. وإننا وإن كنا نرجوا من الله أن يرفعه عنا .. وينجينا منه .. فإنا نرجوا منه تعالى أن ينفعنا به .. وأن يردنا إليه ردا جميلا .. وأن يجعلنا من عباده المتقين المتضرعين الأوابين ..
والحمد لله رب العالمين
أبو حفص الهلالي