الإجراءات الصارمة المتبعة من طرف الأنظمة العالمية لمواجهة تفشي كورونا .. وتقبل الناس لها وعدم الاعتراض عليها ينسف فكرة الحرية الفردية المنفلتة وغير المنضبطة .. ويجعل الاعتراض على الأوامر الإلهية بالحريات مجرد دعوى فارغة .. الكل يذعن اليوم لأوامر عدم الخروج في أوروبا .. مع أن حق تنقل الأفراد حق مقدس في ميثاق حقوق الإنسان العالمي الذي يعظمه الأوروبيون .. إلا أن المصلحة اقتضت الحد من التنقل ومنعه .. لا يهمني الآن إن كان المنع مؤقتا أم لا .. ولكن الذي يهمني هو الإقرار الذي يكاد يرقى إلى الإجماع بأن المصلحة العامة مقدمة على الحريات الشخصية وإن كانت هذه الحريات من البديهيات .. ثم إن المصلحة يقررها من يرى الأمور بوضوح .. ولا يصح إدخال الأذواق الشخصية والأهواء النفسية فيها .. فوحدهم الأطباء من أدركوا خطر الفيروس .. وهم الذين قرروا وجوب الحظر على الناس في بيوتهم .. ولم يعترض عليهم مفكر ولا فيلسوف ولا مهندس .. ولم يقل أحد من الناس لماذا على الأطباء وحدهم أن يتخذوا هذا القرار .. ومن أعطاهم الحق في التفرد بمثل هذا .. وكذلك معارضة الأوامر الربانية وشريعة الله عز وجل بالأهواء النفسية وبدعوى أن كل أحد أدرى بمصلحته هي من هذا الجنس .. ولا يزال كورونا يعطينا الدروس والعبر .. فاعتبروا يا أولي الأبصار
أبو حفص الهلالي