اجتهدت المعارضة المصرية لحشد الشعب وحثه على الثورة من عدة طرق.. فتارة تركز على سوء الأحوال الاقتصادية.. وتارة مِن طريق العدالة الغائبة والحرية المثلوبة وبقية الحقوق المهدرة.. وتارة يتم الحشد حول فكرة القومية.. وملخص ذلك كله في شعار (عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية)!
وفي نفس الوقت يغيب أو يخفت الجانب العقدي في المقاومة لأسباب يربطونها برضا المجتمع الدولي عن حِراكهم أو على الأقل تجنب سخطه عليهم.. أو ربما يغيب لقناعة بعضهم أن هذا ليس هو الطريق أصلا.. بينما يدّعي البعض الآخر أن هذا الغياب في الخطاب العقدي من باب الخديعة وأنه وقت التمكين فسيكون للدين شأن آخر!
على أية حال.. كل هذه الظلمات التي تعاني منها بلادنا.. عانت منها أيضا عرب الجزيرة العربية قبل البعثة النبوية.. الانهيار في القيم وإهدار حقوق الناس وانتشار الفاحشة إضافة إلى هيمنة الفرس والروم على ثروات المنطقة والتهميش الذي عانت العرب منه وتبعيتهم لتلك الأمم.. ومع كل ذلك لم يكن المدخل للثورة على هذا الظلم؛ الجانب الاقتصادي أو الاجتماعي أو العربي القومي!
بل كان المدخل الرئيس الذي بُنيت عليه دعوة الإسلام هو مدخل العقيدة والتوحيد، والمفاصلة بين قيم الإسلام، وبين قيم الجاهلية، وأنه لا تلاقي بينهم!
فإما بلاد حرة تُحكم بشريعة الله وسلطانه المتمثل في الوحي، وإما جاهلية تحكمها الأوثان وأهواء البشر!
هذا هو المدخل أو الباب الذي إن دخله المسلم متوكلا على الله آخذًا بما يستطيع من الأسباب؛ أيده الله واجتمعت عليه القلوب الصادقة!
أما بقية المداخل الدنيوية؛ فالنجاح من خلالها يكون بقدر الأخذ بالأسباب الدنيوية البحتة!
فما بالك ونحن حتى لم نسع أصلا لامتلاك هذه الأسباب الدنيوية البحتة!
وما بالك وأكثرنا لا يدرك عوامل التغيير الحقيقية!
هيثم خليل