شيء مثير للسخرية عندما أشاهد حرص الإدارة الأمريكية الشديد على حقوق الإنسان والقصاص من القتلة في قضية خاشقجي.. حتى لو كان الاهتمام زائفا فهو اهتمام على أية حال ويشكل ضغطا دوليا لكشف ملابسات الحادثة.. وكذلك يثير الضحك موقف تلك القناة التي سخرت كل طاقتها الإعلامية من أجل حق الرجل الذي قُتل.. بينما لم تجد منهم ذلك الحرص على الحقوق عندما كانت الولايات المتحدة تقتل المدنيين بالجملة في العراق والشام بطائرات خرجت من أرضهم!
حتى أنه في مارس 2017 قُدر عدد القتلى المدنيين في قصف أمريكي واحد على الموصل بـ 600 إنسان لا يعرف أحدهم فيم قُتل.. ولكن لم يكن منهم صحفي ذائع الصيت قُتل تحت الأنقاض حتى ينقلب العالم من أجله وتزأر أقلام الصحافة منددة بتلك الجريمة.. فقط عُرض الخبر يوما على مواقعهم الإخبارية.. واهتمت به الصحف العالمية كنوع من الإحصاء لما يسمونه “الخسائر الجانبية” تلك التي تقع في الحروب!
بلاد دُمرت وثروات نُهبت وأمم شُردت ودماء أُهرقت ليست لها أية قيمة مادام الإعلام لم يجعل لها قيمة.. بينما يموت واحد منهم فتتحرك له الجماهير ملبية نداء الإعلاميين الذين صرخوا من فوق منابرهم العالية!
أنا ضد الظلم بكافة أشكاله.. ولكنني أيضا ضد الإنسانية الانتقائية البراغماتية التي نراها من هذا الإعلام الرخيص.. فأين كانت إنسانيتكم ومبادئكم وقيمكم عندما قُتِّل الناسُ بطائرات خرجت من أرضكم ومرت للتو من فوق رؤوسكم قبل أن تحصد المئات!
أما المطبلون الذين تذرف أعينهم دمعا تعاطفا أو انحيازا للجهات التي يعملون لديها فلم أر منهم حرفا يدين تلك العمليات المجرمة.. ثم تتهمون مخالفيكم بالتطرف والغلظة.. فأي غلظة أكبر من تلك التي في قلوبكم.. تبا لكم!
هيثم خليل
https://www.facebook.com/Abosalma/posts/10216090771769616