المدجنة هو مصطلح أطلقه محمد شمس الدين وأتباعه على أهل السنة والجماعة في محاولة لتشويههم والتقليل من مكانتهم ولم يُستعمل هذا المصطلح قط من قبل عالم من علماء أهل السنة ولم يقره عليه أحد من العلماء، ويسعى محمد شمس الدين من خلال هذه الممارسات إلى احتكار لقب أهل السنة لنفسه وأتباعه، وتبني أسلوب التشويه والافتراء على المخالفين.
عبر العصور الغابرة، اعتاد خصوم أهل السنة وأعداؤهم على تلقيبهم بألقاب تهدف إلى تشويه صورتهم وتنفير الناس منهم. كان الهدف الأساسي من هذه الألقاب هو بث النفور لدى السامع حتى قبل أن يلتقي بأهل السنة أو يتعرف على أفكارهم. وقد ظهر هذا الأسلوب منذ العصور الأولى لظهور الفرق في الإسلام، حيث أطلق الروافض على أهل السنة ألقابًا مثل “النواصب”، وعمدت بعض الفرق الكلامية إلى تسميتهم بـ”الحشوية” أو “المجسمة”.
ومؤخرًا، ظهر تيار الحدادية الذي يزعم الانتساب إلى منهج السلف، لكنه في الحقيقة يمثل انحرافًا خطيرًا عن أصول أهل السنة والجماعة في الحكم على المعين وتبديع وتكفير العلماء وقد رد عليهم علماء أهل السنة منذ ظهور هذه الفرقة أمثال الشيخ ابن عثيمين وابن باز والألباني وبكر أبو زيد وطرد محمود الحداد الأب الروحي لهذه الفرقة من بلاد الحرمين وهدأت فتنته حتى جاء محمد شمس الدين وجدد هذا الفكر ونشره على مواقع التواصل الاجتماعي حتى انتشرت فتنته وصار يطعن في كل شخص لا يوافقه وبعد أن كان يستشهد ببعض العلماء ويوقرهم صار حربًا عليهم بعد أن ردوا عليه وحذروا من فكره المنحرف.
أول من أطلق لقب المدجنة على أهل السنة هو المدعو محمد شمس الدين، في محاولة لتشويه صورة خصومه واتهامهم بالتمييع والتبعية للأشاعرة، ولكنه في الحقيقة (وفقًا لما أراد من هذا المصطلح) هو المدجن وسوف نتطرق لذلك لاحقًا لكن نتعرف بداية على أول مرة استخدم فيها هذا المصطلح.
مصطلح “المدجنة” سرقه محمد شمس الدين من كتب التاريخ دون أن يفهم معناه الحقيقي، فقد أُطلق على المسلمين الأندلسيين الذين بقوا في الأندلس بعد سقوطها في يد الإسبان، ولم يتمكنوا من الهجرة إلى بلاد المسلمين.
هؤلاء المسلمون كانوا يعيشون تحت حكم النصارى، وظلوا محافظين على هويتهم الإسلامية رغم محاولات طمسها.
وقد قام المدجنون بثورات عديدة ضد الحكم النصراني، أبرزها ثورة المدجنين بين عامي 1264 و1266.
إذا نظرنا إلى هذا المصطلح من الناحية التاريخية، نجد أنه يشير إلى أناس تمسكوا بدينهم رغم الظروف القاسية التي تعرضوا لها، فكيف يمكن لمحمد شمس الدين أن يُطلق هذا المصطلح على أهل السنة بهدف الانتقاص منهم؟
هذا يدل على عشوائية وجهل هذا الشخص وقد وقع في عدة أخطاء فاحشة عند استخدامه لمصطلح المدجنة:
أولا: سرقة المصطلح: هذا المصطلح مأخوذ من سياق تاريخي محدد، ومحمد شمس الدين استغله دون أن يلتزم بدقة معناه. وهذا يدل على فقره العلمي وعدم إبداعه الفكري.
ثانيًا: عدم فهم أصول أهل السنة: أهل السنة ليسوا مدجنة بأي شكل من الأشكال، وقد واجهوا خصومهم بالحجة والبرهان، وصبروا على ما أصابهم من أذى في سبيل الحفاظ على أصول الدين، وتاريخ أهل السنة حافل بالمواقف البطولية، من الإمام أحمد بن حنبل إلى علماء العصر الحديث، ولم يُعرف عنهم الاستسلام أو الخضوع لأي قوة بينما نرى الحدادية مجرد نكرات يعيش أغلبهم في ديار الكفر ولا يعرف عنهم العلم ولا الأدب وهم جبناء يصمتون على جرائم الكفار بحق المسلمين بينما نرى شجاعة (ألسنتهم) فقط ضد أهل السنة تكفيرًا وتبديعًا وتفسيقًا.
ثالثًا: تدجين محمد شمس الدين نفسه: الحقيقة التي يحاول محمد شمس الدين إخفاءها هي أنه هو نفسه قد وقع فريسة للتدجين (وفقًا للمعنى الذي أراده بخصومه)، فقد دجنه الحدادي الأكبر عبد الله الخليفي واستقطبه بعد أن كان يذمه ويتهمه بالغلو والتطرف، وأما التدجين الأكبر والأخطر لمحمد شمس فكان من قبل السلطات الألمانية حيث قام بحذف سلسلة كاملة عن أهل الكتاب (اليهود والنصارى) يكفرهم فيها ويكفر من يشك في كفرهم.
وقد خصصت حلقة كاملة للرد على كذبه بشأن حذف السلسلة وكيف يتلاعب بأتباعه للتهرب من هذه الكارثة.
وبالإضافة إلى حذف هذه السلسلة وهي تتعلق بالاعتقاد وهذه وحدها كافية لإطلاق لقب المدجن محمد شمس الدين، فقد تبرأ من السلفية بعد أن تأكد أن السلطات هناك تحارب هذا المصطلح، وقد صرح بنفسه أنه لا ينتمي إلى السلفية بعد أن كان يفاخر بها وبدعاتها وهذا جعله لاحقًا يتبنى مواقف معادية لأهل السنة لضمان بقائه في أوروبا والحمد لله أنه لا ينتسب إلى السلفية فجميع علماء السلفية لا يوافقون منهجه المنحرف.
رابعًا: تشويه صورة أهل السنة: الهدف الحقيقي من إطلاق هذا المصطلح هو تشويه صورة أهل السنة واستعداء الناس عليهم، ومحمد شمس الدين يهدف من خلال هذه الألقاب إلى احتكار لقب أهل السنة لنفسه وأتباعه فقط، ليصبح هو المرجع الوحيد لهم.
لذلك إذا أردنا تطبيق مصطلح المدجنة (كما يروج له محمد شمس الدين) على الواقع، فسنجد أن المدجن الحقيقي هو محمد شمس الدين نفسه، لقد تم تدجينه من قبل جهات تسعى إلى تشويه صورة الإسلام واختطاف منهج أهل السنة، وكل من يتبعه وينقاد خلفه ويترك علماء أهل السنة يمكن أن يُطلق عليه لقب المدجن، لأنهم جميعًا وقعوا فريسة لأفكاره المنحرفة.
الخلاصة
لقب المدجنة يمكن أن يُطلق بجدارة على محمد شمس الدين فهو الذي انقلب على أهل السنة، وخالف أصولهم وقواعدهم، وتبنى فكرًا منحرفًا يقوم على التكفير والتشويه والتحريض، وقد تم تدجينه من قبل جهات عدة، وهو الآن يعمل لصالحها من خلال تشويه صورة أهل السنة.
لذلك، يجب على أهل السنة أن يتنبهوا لهذا الخطر، وأن يفضحوا هذه المحاولات البائسة لتشويه صورتهم، وأن يظلوا متمسكين بأصولهم وقواعدهم التي ورثوها عن السلف الصالح، دون انحراف أو تبديل.
والله أعلم.