من المثير للسخرية أن يطالب محمد شمس الدين خصومه بالرد العلمي بدلاً من السب والشتم، بينما هو نفسه غارق في بحر من الانتقاص والتجريح لخصومه بل لعلماء الأمة.
يتجاهل حقيقة أنه بأقواله وأفعاله قد علّم أتباعه الغباء والمغالطات، حتى أصبحوا يتشبهون به في البلادة والسفه. فهو الذي يخترع الأسماء الساخرة لخصومه، كإطلاقه اسم “المدجنة” عليهم، ويتجاوز الحدود في الطعن حتى في علماء الأمة الكبار مثل الإمام النووي والسيوطي. فيقول عن النووي إنه مات ولم يكن يعرف ربه، ويتهمه بالتجهم، ويكفّر السيوطي بلا حياء ويقول: “لن يغفر الله له ولن يرحمه”. كل ذلك في مجالس مليئة بالطعن في دين الناس والإساءة إليهم.
هل يدرك هؤلاء أن الطعن في دين المرء أعظم وأشد خطرًا من سبه؟! إن الشتم والإهانة يطعن في شخص الإنسان وأخلاقه، ولكنه يظل مسألة شخصية يمكن أن تُغفر أو تُنسى بمرور الزمن. أما الطعن في الدين، فهو طعن في أعظم ما يملكه الإنسان، في عقيدته وإيمانه الذي هو رأس ماله عند الله.
الرسول صلى الله عليه وسلم علمنا أن المسلم يجب أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، وليس أن يطعن في دينه أو يشكك في عقيدته. قال صلى الله عليه وسلم: “من قال لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما” (رواه البخاري ومسلم)، فالطعن في إيمان المرء اتهام خطير، قد يرد على صاحبه إن كان باطلاً. وهذا يوضح لنا أن مثل هذا الكلام ليس مجرد خطأ لفظي، بل هو جريمة أخلاقية ودينية كبيرة.
لذلك، يجب على كل مسلم أن يتقي الله في كلامه وأفعاله، وأن يحفظ لسانه من الانزلاق إلى مهاوي الطعن في عقائد الناس، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده” (رواه البخاري ومسلم). فما بالك بمن يتخذ من الطعن في دين الآخرين منهجًا وسلاحًا!
إن هؤلاء لا يعون حجم هذا الإثم العظيم، ويظنون أن الأمر مجرد سجال عابر، ولكن الطعن في الدين والاعتداء على العقائد هو من أعظم الذنوب التي تؤدي إلى الفتنة والتفرقة بين المسلمين.
فليتقِ الله هؤلاء، وليدركوا أن الطعن في دين المرء أشد وأنكى من أي سب أو شتم شخصي، فهو تجاوز للحدود الشرعية وإضرار بالأمة كلها.
ولكن الأغرب من ذلك، هو بكاؤه عندما رد عليه الشيخ وليد السعيدان بقول: “حسبنا الله ونعم الوكيل”. فيتحول محمد شمس الدين فجأة إلى الشخص الذي يرفض الدعاء عليه أو الانتقاص منه، بينما هو الذي لا يتوقف عن الإساءة ووصف خصومه بأبشع الصفات، من بينها أنهم “مخانيث” و”فسقة”. ويشاركه في هذه السلوكيات المشينة شخصيات أخرى مثل الخليفي ودمشقية، اللذان يشتهران بالطعن والسب ثم يتباكيان عندما يرد عليهما أحد بالمثل. دمشقية، المعروف بألفاظه السيئة وأسلوبه الهجومي، يضايقه أن يصفه أحد بـ “السفهاء”، بينما هو وأتباعه قد فقدوا حاسة الفهم والإنصاف.
هذا السلوك ليس غريبًا إذا ما علمنا أن محمد شمس الدين وأتباعه قد اعتادوا الهروب من الردود العلمية الرصينة. تجدهم يطرحون تلك العبارة السخيفة: “أين الرد العلمي؟” كلما ردّ عليهم أحدهم ردًا علميًا، فيختزلون الجواب إلى كلمة أو جملة من محاضرات طويلة، ليهزأوا منها ويتهموا الطرف الآخر بعدم الجدية.
ولكن الحقيقة أن الردود العلمية موجودة وواضحة، وخاصة في قنوات مثل قناة الشيخ أبو عمر الباحث والشيخ أبو الفضل المصري، حيث يتم تفنيد شبهاتهم بالحجة والبرهان بعيدًا عن الشخصنة. ولكن محمد شمس الدين ودمشقية يهربون من هذه الردود ويغرقون في الشخصنة والهجوم الشخصي، مما يضلل أتباعهم ويجعلهم يعتقدون أن لا أحد يستطيع الرد عليهم.
لقد ردّ عليهم العديد من العلماء والدعاة الأفاضل، مثل الشيخ حسن الحسيني وغيره، ولكن بدلاً من النقاش العلمي، تجد هؤلاء يفضلون الشخصنة والطعن. الأمر الذي أدى إلى أن العلماء المحترمين وطلاب العلم الشرفاء قد نبذوهم ورفضوا الاستمرار في الجدال معهم، فهم يقفزون من عالم إلى آخر، ولا يتركون أحدًا إلا وطعنوا فيه.
وفي النهاية، نتوجه إلى الله بالدعاء، قائلين: اللهم خلّص الأمة من شرور هؤلاء ومن أفعالهم التي تفرق المسلمين.
ونسأل الله أن يعيد هذه الأمة إلى وحدتها ويخلصها من هؤلاء الذين يتاجرون بالدين لأجل الفتن والمصالح.
مصطفى الشرقاوي