في بداية مواجهتي مع الفرقة الحدادية، كنت حريصًا إلى أقصى حد في انتقاء كلماتي، متخوفًا من أن تُفهم على غير مقصودها رغم إيماني بصحتها، فيؤدي ذلك إلى التبديع والتفسيق وربما التكفير.
حاولت الموازنة بين قول الحق وتجنب الانزلاق في محاورهم الشائكة. ولكن، سبحان الله، ما إن وجهت انتقادات بسيطة إلى محمد شمس الدين والخليفي، حتى انهالت علي سيول من الاتهامات الباطلة، وصُبغت بالتجهم!
كنت في البداية أشعر بالضيق من تلك التعليقات والتهم الخطيرة، غير أن مرور الوقت جعلني أعتاد على هذه السخافات المتكررة التي فقدت كل معانيها من فرط تكرارها وسوء استخدامها.
وهذا الصباح، وصلتني رسالة جديدة؛ كاتبها يكفرني ثم يهرب دون أي محاولة للنقاش أو التبرير، مكتفيًا بالإلقاء والانسحاب كأنه قد أدى دوره. إنه مشهد يتكرر باستمرار بل ولا أبالغ إن قلت يوميًا، وليست هذه سوى نتيجة من نتائج غلو الفرقة الحدادية.
اليوم، لم أعد أعطي وزنًا لهذه الاتهامات، فتهم التكفير والتبديع والتفسيق قد طالت من هم خير مني؛ علماء كبار لهم في التاريخ الإسلامي بصمة لا تُنسى، أجمع العلماء على فضلهم وسعة علمهم. فإن كانوا هم قد تعرضوا لذلك، فمن أكون أنا بجانبهم؟
إنني أكتب هذه الكلمات ليس لأدافع عن نفسي، بل لأقول لهؤلاء: “موتوا بغيظكم، فقد أصبح كلامكم عديم القيمة، فارغًا من التأثير، وكلما كررتموه، كلما صار أضعف.”
إن تهافتكم على اتهام كل من خالفكم بالكفر والتجهم جعل منكم أضحوكة في أعين الجميع، لا أحد الآن يقيم لكم وزنًا أو اعتبارًا. بل أصبحتم عبئًا ثقيلاً حتى على رؤوسكم الذين يمارسون التقية ويتسترون خلف أقنعة الحذر، بينما أنتم باندفاعكم تفضحون ما لم يجرؤ شيوخكم الجبناء على التصريح به.
لقد كشفتم بأفعالكم ما حاولوا طمسَه، وجعلتم من منهجهم المتخفي صورة مكشوفة أمام الملأ، وأسقطتم عنهم آخر أوراق التوت.