هاجمَ الكاتب والمفكر السويدي الشهير يان غيو، في مقال نشره اليوم الأحد على صحيفة أفتونبلادت السويدية، جهاز الشرطة السويدية، وذلك جراء سماحهم للمتطرف الدنماركي راسموس بالودان بإحراق نسخ من المصحف الشريف في الأماكن العامة.
وقال غيو في أفتتاحية المقال: «يمنع بلا شك التبول علانيةً على المصحف. كانَ ينبغي على رجال الشرطة ضرب راسموس بالودان بالهراوات، ونقله بعيدًا لمقاضاته، ليس لأنه حرضَ على مجموعة من الناس أو حاول أثارة أعمال الشغب أو عبّر عن ازدراءه للمسلمين، بل لأنه سلوك شائن في مكان عام. لكنه الآن يحرق المصحف، وهو ما وجدته السلطات مقبولًا تمامًا!».
ويضيف غيو بالقول بأن «صديقه من تنظيم مختلف حاولَ الطعن في النظام القانوني من خلال التقدم بطلب إلى الشرطة في ستوكهولم للسماح له بحرق مخطوطات التوراة والكتابات اليهودية المقدسة علانيةً، إلا أن نواياه قوبلت بالتأكيد بالرفض، مما أظهرَ بأن فقط المسلمين ينبغي عليهم تقبل الإهانة دون اعتبارها مسيئة. لقدْ أثارَ طلبه على ما يبدو حالة من الذعر بين رجال الشرطة، والذين حلوا المشكلة بالحيل البيروقراطية المعتادة في الباب الخلفي، أو فصله عن الهاتف أو تعليقه على الهاتف دون أجابة لمدة ساعتين حتى استسلم».
ويتابع غيو بالقول: «إنه العار، كان ينبغي على الشرطة رفض طلب راسموس بالودان بإحراق المصحف. إن حرق مخطوطات التوراة ليس شائنًا من وجهة النظر المشوشة للشرطة، على الأقل لا يضاهي التبول في الأماكن العامة. من ناحية أخرى، فهو تحريض ضد مجموعة عرقية وبالتالي فهو يعد عمل محظور. يحسب اليهود في القانون السويدي على أنهم مجموعة دينية وعرقية، بينما لا يعتبر القانون السويدي المسلمين جماعة عرقية. يبدو أن الوضع الناتج ليس جنونيًا بشكل عام ومليء بالتناقضات. كما أنه غير ضروري ويتم إضافته من خلال محسوبية الشرطة».
ويتهم غيو قادة الشرطة السويدية بالتشجيع على إحراق المصحف الشريف في الأماكن العامة بهدف إهانة وإذلال المسلمين، إذ يقول في المقال: «سمحَ قائد الشرطة في مقاطعة أوستريوتلاند، على سبيل المثال، لسيء السمعة والصيت راسموس بالودان بإحراق المصحف خلال عيد الفصح في أبريل نيسان العام 2022. لقدْ أدركَ قائد الشرطة في أوستريوتلاند، مثل الكثير من السويديين، أن إحراق المصحف سيكون ذو أهمية خاصة لحرية التعبير طالما أنه انتهاك للمسلمين على وجه الخصوص. هكذا تسير النغمات في السويد والدنمارك منذ نشر الرسوم المسيئة للنبي محمد في صحيفة يولاندس بوستن الدنماركية في العام 2005. ومنذ ذلك الحين، يعتقد كل قائد شرطة أن التحريض على الشغب والتخريب محمي دستوريًا طالما كانت الهجمات موجهة على المسلمين تحديدًا. هنا يقول قائد الشرطة في أوستريوتلاند مرحبًا للمحرضين بهدف إثارة أعمال الشغب والدمار من خلال إحرق المصحف في المناطق والضواحي التي يتواجد فيها الكثير من المسلمين العاطلين عن العمل، وحجته كانت حماية حرية التعبير».
ويؤكد غيو أن القانون السويدي يحظر تعمد إثارة الشغب أو تعريض حياة الآخرين للخطر أو إلحاق الضرر بهم، ويوجه سؤالًا فيما إذا كان إحراق المصحف ليس سلوكًا شائنًا كالتبول عليه؟! ينص الفصل السادس عشر، البند السادس عشر، من القانون الجنائي السويدي لعام 1991، فيما يتعلق بالسلوك غير المنضبط «السلوك الشائن»، أن «أي شخص يصدر ضجيجًا في مكان عام أو يتصرف علنًا بطريقة من المحتمل أن تسبب غضبًا بين الجمهور، فإنه يُعاقب بغرامة مالية بسبب السلوك المثير للغضب».
ويقول غيو: «تم إنشاء نوع من سابقة نفسية تُشير ضمنيًا إلى أن الشرطة تحمي إحراق المصحف أينما ومتى يحدث ولأي نية إجرامية. الأمر الذي دفع الشرطة في ستوكهولم إلى اتخاذ قرار غير حكيم بالسماح لبالودان بوضع رقمه بجانب مظاهرة مؤيدة لتركيا خارج السفارة التركية تجري في نفس الوقت. ونظرًا لأنه ليس بالمقدور ضمان السلامة والنظام العام، أو حتى حياة السيد بالودان وأطرافه، فقدْ كان من السهل والصحيح من الناحية القانونية رفض منحه التصريح لإحراق المصحف في بيئة أقل خطورة. لكن من حسن الحظ الأمور سارت على مايرام، ليس بفضل خدمة الشرطة بل بفضل خدمة الأمن».
ويختتم غيو بالقول: «يبدو أن المشكلة الرئيسية هي أن الشرطة تتعامل كدائرة القصر الكهربائية بمجرد أن يتعلق الأمر بشيء ما بالمسلمين. إذا كان الأمر يتعلق باستفزاز المسلمين للقيام بأعمال شغب، فلن يكون الأمر بالتالي مسألة عادية تتعلق بالقانون والنظام، بل قضية دستورية مقدسة بحسب وجهة النظر المشوشة هذه».
رابط المقال الأصلي