يقول الشافعي ، وتنسب إلي علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – :
تَغَرَّب عَنِ الأَوطانِ في طَلَبِ العُلى**** وَسافِر فَفي الأَسفارِ خَمسُ فَوائِدِ
تَفَرُّيجُ هَمٍ وَاِكتِسـابُ مَعيشَـةٍ ****وَعِلمٌ وَآدابٌ وَصُحبَةُ ماجِـدِ
فَإِن قيلَ في الأَسفارِ ذُلٌّ وَغٌربَةٌ**** وَقَطعُ فَيَافٍ وَاِرتِكابِ الشَدائِدِ
فَمَوتُ الفَتى خَيرٌ لَهُ مِن حَياتِه**** بِدارِ هَوانٍ بَينَ واشٍ وَحاسِدِ
ويقول الشافعي:
اِرحَل بِنَفسِكَ مِن أَرضٍ تُضامُ بِها**** وَلا تَكُن مِن فِراقِ الأَهلِ في حُرَقِ
فَالعَنبَرُ الخامُ رَوثٌ في مَواطِنِهِ**** وَفي التَغَرُّبِ مَحمولٌ عَلى العُنُقِ
وَالكُحلُ نَوعٌ مِنَ الأَحجار ِ تَنظُرُهُ**** في أَرضِهِ مُرميٌّ عَلى الطُـرُقِ
فلَمّا تَغَرَّبَ حازَ الفَضلَ أَجمَعَهُ**** فَصارَ يُحمَلُ بَينَ الجَفنِ وَالحَدَقِ
ويقول الشافعي أيضا :
ما في المَقامِ لِذي عَقلٍ وَذي أَدَبِ**** مِن راحَةٍ فَدَعِ الأَوطانَ وَاِغتَــرِبِ
سافِر تَجِد عِوَضاً عَمَّن تُفارِقُهُ**** وَاِنصَب فَإِنَّ لَذيذَ العَيشِ في النَصَبِ
إِنّي رَأَيتُ وُقوفَ الماءِ يُفسِدُهُ**** إِن ساحَ طابَ وَإِن لَم يَجرِ لَم يَطِبِ
وَالأُسدُ لَولا فِراقُ الأَرضِ مااِفتَرَسَت ****وَالسَهمُ لَولا فِراقُ القَوسِ لَم يُصِبِ
وَالشَمسُ لَو وَقَفَت في الفُلكِ دائِمَةً**** لَمَلَّها الناسُ مِن عُجمٍ وَمِن عَـرَبِ
وَالتِبرُ كَالتُرابِ مُلقىً في أَماكِنِهِ**** وَالعودُ في أَرضِهِ نَوعٌ مِنَ الحَطَـبِ
فَإِن تَغَرَّبَ هـَذا عَـزَّ مَطلَبُـهُ**** وَإِن تَغَرَّبَ ذاكَ عَزَّ كَالذَهَــبِ