إِنَّهُمْ يُرِيدُونَ إِسْلَامًا أَمْرِيكَانِيًّا، إِنَّهُمْ يُرِيدُونَ الْإِسْلَامَ الَّذِي يُسْتَفْتَى فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ، وَلَكِنَّهُ لَا يُسْتَفْتَى فِي أَوْضَاعِ الْمُسْلِمِينَ السِّيَاسِيَّةِ وَالِاقْتِصَادِيَّةِ وَالِاجْتِمَاعِيَّةِ وَالْمَالِيَّةِ.
============
إِذَا أُرِيدَ لِلْإِسْلَامِ أَنْ يَعْمَلَ فَلَا بُدَّ لِلْإِسْلَامِ أَنْ يَحْكُمَ، فَمَا جَاءَ هَذَا الدِّينُ لِيَنْزَوِيَ فِي الصَّوَامِعِ وَالْمَعَابِدِ.
=============
وَاللَّهِ إِنَّ النَّصْرَ فَوْقَ الرُّؤُوسِ يَنْتَظِرُ كَلِمَةَ كُنْ فَيَكُونُ، فَلَا تَشْغَلُوا أَنْفُسَكُمْ بِمَوْعِدِ النَّصْرِ، وَانْشَغِلُوا بِمَوْقِعِكُمْ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ.
===========
الَّذِينَ يُحَارِبُونَ الْحَقَّ لَا يَجْهَلُونَ فِي الْغَالِبِ أَنَّهُ الْحَقُّ، وَلَكِنَّهُمْ يَكْرَهُونَهُ؛ لِأَنَّهُ يُصَادِمُ أَهْوَاءَهُمْ وَيَقِفُ فِي طَرِيقِ شَهَوَاتِهِمْ.
============
إِنَّ هَذِهِ الْجُيُوشَ الْعَرَبِيَّةَ الَّتِي تَرَوْنَهَا لَيْسَتْ لِلدِّفَاعِ عَنِ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّمَا هِيَ لِقَتْلِكُمْ وَلَنْ تُطْلِقَ طَلْقَةً وَاحِدَةً عَلَى الْيَهُودِ.
==========
لَا بُدَّ مِنْ مُقَابَلَةِ الصَّبْرِ بِالصَّبْرِ، وَالدَّفْعِ بِالدَّفْعِ، وَالْجُهْدِ بِالْجُهْدِ، وَالْإِصْرَارِ بِالْإِصْرَارِ.
وَإِذَا كَانَ الْبَاطِلُ يُصِرُّ وَيَصْبِرُ وَيَمْضِي فِي الطَّرِيقِ فَمَا أَجْدَرَ الْحَقَّ أَنْ يَكُونَ أَشَدَّ إِصْرَارًا وَأَعْظَمَ صَبْرًا عَلَى الْمُضِيِّ فِي الطَّرِيقِ.
==========
إِنَّ الْمَعْرَكَةَ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَخُصُومِهِمْ هِيَ فِي صَمِيمِهَا مَعْرَكَةُ عَقِيدَةٍ، وَلَيْسَتْ شَيْئًا آخَرَ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَإِنَّ خُصُومَهُمْ لَا يَنْقِمُونَ مِنْهُمْ إِلَّا الْإِيمَانَ، وَلَا يَسْخَطُونَ مِنْهُمْ إِلَّا الْعَقِيدَةَ… إِنَّهَا لَيْسَتْ مَعْرَكَةً سِيَاسِيَّةً، وَلَا مَعْرَكَةً اِقْتِصَادِيَّةً، وَلَا مَعْرَكَةً عُنْصُرِيَّةً… وَلَوْ كَانَتْ شَيْئًا مِنْ هَذَا لِسَهُلَ وَقْفُهَا، وَسَهُلَ حَلُّ إِشْكَالِهَا، وَلَكِنَّهَا فِي صَمِيمِهَا مَعْرَكَةُ عَقِيدَةٍ – إِمَّا كُفْرٌ وَإِمَّا إِيمَانٌ… إِمَّا جَاهِلِيَّةٌ وَإِمَّا إِسْلَامٌ!
===========
إِنَّ رَايَةَ الْمُسْلِمِ الَّتِي يُحَامِي عَنْهَا؛ هِيَ عَقِيدَتُه، وَوَطَنُهُ الَّذِي يُجَاهِدُ مِنْ أَجْلِهِ؛ هُوَ الْبَلَدُ الَّذِي تُقَامُ شَرِيعَةُ اللَّهِ فِيهِ، وَأَرْضُهُ الَّتِي يَدْفَعُ عَنْهَا؛ هِيَ ” دَارُ الْإِسْلَامِ “، الَّتِي تَتَّخِذُ الْمَنْهَجَ الْإِسْلَامِيَّ مَنْهَجًا لِلْحَيَاةِ، وَكُلُّ تَصَوُّرٍ آخَرَ لِلْوَطَنِ هُوَ تَصَوُّرٌ غَيَرُ إِسْلَامِيٍّ، تَنْضَحُ بِهِ الْجَاهِلِيَّاتُ، وَلَا يَعْرِفُهُ الْإِسْلَامُ.
سيد قطب -رحمه الله-