انخفض سعر النفط الخام لمستويات قياسية، حيث وصل سعر البرميل الواحد من “أوبك” لحظة كتابة هذا المقال إلى 17 دولار، ومن “خام برنت” إلى حوالي 25 دولار، و(-38) دولار للبرميل الواحد من “خام تكساس”.
ما سبب حدوث هذا؟
من تأثير فيروس كورونا على النشاط الاقتصادي تدني مستوياته، اعتبارًا من إغلاق المصانع في الصين إلى السفر الجوي الدولي الذي انخفض بشكل كبير، ويؤدي هذا الانخفاض في النشاط الاقتصادي بدوره إلى انخفاض الطلب على النفط، الذي يعتبر مصدر الطاقة الذي يدير الاقتصاد العالمي إلى حد كبير.
يؤدي انهيار شركات النفط في العادة إلى قيام منتجي النفط وأهمهم منظمة أوبك، المنظمة التي تمثل 40٪ من إنتاج النفط العالمي، بإبطاء إنتاجهم في محاولة لرفع الأسعار. لكن مع فشل اجتماع لأعضاء (أوبك بلس روسيا) بعد أن رفضت روسيا الموافقة على إبطاء الإنتاج. بل على العكس من ذلك أعلنت المملكة العربية السعودية وروسيا، ثاني وثالث أكبر منتجي النفط الخام في العالم على التوالي، أنهما ستزيدان إنتاجهما، مما سيزيد من خفض الأسعار.
لكن ألا تؤذي روسيا والمملكة العربية السعودية أنفسهما من خلال خفض أسعار النفط؟
إنّ الإبقاء على أسعار النفط منخفضة يؤذي بالتأكيد روسيا والمملكة العربية السعودية على المدى القصير. حيث أنّ كلا البلدين ينتجان النفط بسعر رخيص نسبيًا، لكنهما يعتمدان على تحقيق ربح كبير من بيعه لتغذية اقتصاداتهما. فقد قدر صندوق النقد الدولي أنّه في عام 2020 سيحتاج سعر النفط إلى 78.30 دولارًا للبرميل للمملكة العربية السعودية لموازنة ميزانيتها. ويُقال أنّ نقطة التعادل في الموازنة الروسية في نطاق 40 دولارًا.
ولكن هناك مصالح استراتيجية أكبر على المدى الطويل. أولاً، ينظر قادة البلدين بوضوح إلى أهدافهم المتعارضة كأولويات جديرة بالاهتمام. تحتاج المملكة العربية السعودية إلى ان تكون أسعار النفط مرتفعة أكثر من ذلك على المدى المتوسط والطويل، وهي على استعداد لتوجيه ضربات لإجبار روسيا الجلوس على طاولة المفاوضات.
على الرغم مما سبق يشترك الطرفان في عدو أكبر: منتجي النفط الصخري الأمريكي. حيث ازدهر عمل هؤلاء المتمركزون إلى حدّ كبير في غرب تكساس ونيو مكسيكو منذ ظهور هذه المشاحنات مما سمح لهم بالوصول إلى احتياطيات نفطية هائلة. ونتيجة لذلك، نجحت الولايات المتحدة في أن تصبح أكبر منتج للنفط الخام في العالم. ومن خلال خفض أسعار النفط، عطّلت روسيا والمملكة العربية السعودية الصناعة الأمريكية وستجبر بعض الشركات على الإفلاس.
ماذا يعني هذا لصناعة النفط والغاز المحلية الأمريكية؟
تشكل حرب الأسعار هذه تهديدًا خطيرًا لصناعة النفط والغاز الأمريكية، خاصةً شركات الحفر في منطقة غرب تكساس والمعروفة باسم حوض بيرميان. وتعاني الصناعة بالفعل من انخفاض الأرباح وصعوبة الوصول إلى رأس المال؛ وإذا ما استمرت حرب الأسعار هذه، فمن المرجح أن يفلس العديد من صغار المنتجين في حين أنّ اللاعبين الأكبر حجمًا يقومون بتحديد عملياتهم.
هل هذا سيحفز الاقتصادات؟
عادةً، تُحفز أسعار النفط المنخفضة الاقتصاد لأن الوقود الأحفوري يعتبر ضروريًا: (وقود النفط والمصانع والنقل، وحتى بمثابة المواد الأولية لمجموعة واسعة من المنتجات) كما غرّد الرئيس ترامب يوم الإثنين.
لكن من غير الواضح إلى أي درجة تعمل أسعار النفط المنخفضة بمثابة نعمة للمستهلكين وسط تداعيات الفيروس التاجي، لأنه لا يوجد طلب كافٍ، على سبيل المثال: ستكون تذاكر الطيران الآن رخيصة جدًا لكن إذا لم يرغب الناس في السفر، فلا يهم كم قلّل ذلك من تكلفة الرحلات بالطائرة. وبالمثل، فإنّ أسعار النفط المنخفضة لن تُحفز الطلب إذا كان الجميع يقيمون في منازلهم.
المصدر: الباحثون المسلمون
إعداد: الفريق الاقتصادي
تدقيق لغوي: نصر جعفر عبّارة
تصميم: نور الدين إيبو