1-غربة النصارى العرب في الواقع الإسلامي المعتز بوحدته الإيمانيّة، جعلت من أبنائهم منظّري القومجيّة العربيّة والدعوة إلى الانفصال عن دولة الخلافة العثمانية في بدية القرن العشرين، وقد كان مكرهم في ذلك شديدًا.. وعلى خطاهم يسير اليوم عزمي أنطون بشارة لاختراق الوعي المسلم؛ بخطابه الأملس لصناعة وعي جديد لشباب الأمة من خلال قناتيه (العربي) و(سوريا) ومركز أبحاثه وتمدداته الواسعة في أكثر من مؤسسة، وإنفاقاته القارونية والسخية؛ حتى تنتقل الأمة من طلب التحرر بالإسلام إلى طلب التحرّر باللادينية التي ألّف بشارة في الانتصار لها صراحة كتبًا تحت عنوان “العلمانية”..
والرجل كما قيل، قد صار اليوم من المتخصصين في استقطاب “الإسلاميين السابقين”، خاصة لمركز “أبحاثه”، وله خبرة في دغدغة الحركيين قديمة.. ولذلك يتحاشى عامة الحاملين للهم الإسلامي كشف خطته، أو مواجهته..
والحق أنّ الانتصار للإسلام لا يكون إلّا ببيان سبيل المفسدين، خاصة الذي يسيرون على منهج بولس القائل في الرسالة الأولى إلى كورنثوس 9/19-20: ” فَإِنِّي إِذْ كُنْتُ حُرًّا مِنَ الْجَمِيعِ، اسْتَعْبَدْتُ نَفْسِي لِلْجَمِيعِ لأَرْبَحَ الأَكْثَرِينَ. فَصِرْتُ لِلْيَهُودِ كَيَهُودِيٍّ لأَرْبَحَ الْيَهُودَ. وَلِلَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ كَأَنِّي تَحْتَ النَّامُوسِ لأَرْبَحَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ”. وهو قد صار في فترة من الفترات “إسلاميًا للإسلاميين!”، في استغلال فجّ لسذاجتهم لتمرير خطّته لعلمنة العالم العربي…
2-للأسف الشديد، كنتُ أظنّ أنّ الدعاة على غفلة من مكر عزمي أنطون بشارة بالإسلام.. لكن تبيّن لي بصريح الللفظ أو بفلتات اللسان، أنّ عامتهم على وعي بذلك شديد *بصورة كانت صادمة لي*، وأنّهم يعلمون عن مكره بالمؤسسات الإسلامية العلمية أو الدعوية أو الإعلامية، الكثير.. لكنّهم يخشون مواجهة هذا الأخطبوط الإعلامي لاعتبارات أراها أضعف من أن تكون حجة لإعذارهم.. وربّنا يقول في طريق القيام للحق ودفع الباطل: “كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ”. فكشف طريق المجرمين منهج قرآني حتى لا تكون فتنة تذهب بوعي الجيل.
3-عندما أتحدث عن نصرانية عزمي بشارة؛ لا أقصد بذلك الاعتقاد اللاهوتي للإله المصلوب، وإنما قصدي الانتماء التاريخي المسكون بالغربة بين المسلمين، والذي دفع أهله للمكر بالمسلمين على مدى التاريخ الإسلامي.. ولذلك يحرص عزمي بشارة وأمثاله على دعوة المسلمين للدخول تحت مظلّة اللادينية العالمانية؛ ليستوي الجميع في (البراءة) من الإسلام؛ وإن كان يجمّل ذلك بقوله إنّ الإسلام والعالمانية “الليّنة!” لا يتنافران..
د. سامي عامري