كتبت توكل كرمان تصف الرئيس مرسي – رحمه الله – بأنه “آخر الأنبياء” ثم في تغريدة تلتها وضعت صورته وفوقها قوله تعالى: (صلّوا عليه وسلموا تسليما) وهو تعظيم لمقام بشر لا يجيزه جمهور العلماء إلا للرسل والأنبياء، وأجازوا فقط الصلاة والسلام على غير الأنبياء بالتبعية، أي بعد ذكر الأنبياء أولا!
ولكنه هل هي تعليقات عفوية؟ هل هي حمقاء مثلا لا تحسن التعبير؟
بل مَن يتابع توكل يعرف أنها امرأة ذكية تعرف هدفها وتسعى لتحقيقه.. وهي تعليقات تصب في منهجها الذي يُعظّم ويُبجّل مِن شأن المنهج الديمقراطي الذي تؤمن به وتتقاضى أجرها في سبيل نشره، ويلخص ذلك المنهج تغريدة كتبتها على صفحتها مِن قبل تقول: “دولة علمانية ديمقراطية هي الحل، العلمانية للتخلص من الكهنوت والديمقراطية للتخلص من القيصر، صباحكم علمانية وديمقراطية قادمتين لاريب فيهما”.
وهو المنهج الذي مِن أجله حصلت على نوبل في السلام، وهي جائزة غير مشرفة إذا علمنا أن كثيرا ممن حصلوا عليها هم مِن الطغاة، مثل مناحم بيجن، وهنري كيسنجر، وشيمون بيريز، والمجرمة رئيسة وزراء ميانمار!
فعندما خشي النظام الدولي مِن صعود الحركة الإسلامية بعد ثورات الربيع العربي، خاصة دعاة التحاكم إلى الشريعة، وما قد يؤدي ذلك لتهديد مصالح الغرب وكيانه الصهيوني؛ قاموا بمواجهة ذلك بعدة طرق منها:
– دعم الأنظمة الجائرة التابعة لهم بكل السبل الممكنة مِن مال وسلاح ودعم سياسي.
– العمليات العسكرية المباشرة ضد أي فكرة أو حركة إسلامية جهادية سُنية.
– مواجهة الأفكار الأصولية المتشددة – مِن وجهة نظرهم – بدعم وصناعة الإعلام الذي يدفع في اتجاه العلمانية والديمقراطية.
وتم استخدام الإسلاميين الوسطيين على وجه الخصوص في الاتجاه الأخير، وأغدقوا عليهم بالأموال التي جعلتهم ينسلخون من جلودهم ويصبحوا مِن دعاة العلمانية بخطاب أكثر جاذبية مِن العلمانيين الأصليين الذين يُعادون الدين بفجاجة!
ولهذا لم يصطدم هذا التيار المُتميع بالأمريكان مثلا بعد إسقاط نظام مرسي في مصر، وظلت الولايات المتحدة أهم الدول التي يلجأون لها لكسب تعاطفها، رغم أنها مِن أكبر داعمي الانقلاب، وتجد هذا في زياراتهم التي لا تنتهي إلى الكونجرس، وكأنهم يحجون إلى واشنطن في العام الواحد مرة أو مرتين!
في حوار سابق نشرته الجزيرة منذ عامين شَن المنصف المرزوقي هجوما على فكرة الهوية الإسلامية للشعوب العربية، وذكر أن الحل هو نشر الفكرة القومية الديمقراطية، وأثني على ما سماها “مبادرة” عزمي بشارة صاحب العربي الجديد والتلفزيون العربي، وكذلك أيمن نور وقناته الشرق التي تعمل في نفس الاتجاه، ثم أثنى على توكل كرمان التي مُنحت قناة كاملة تديرها من اسطنبول لنشر نفس الأجندة الفكرية المنحرفة، والتي هدفها باختصار: احتواء وتقزيم الفكرة الإسلامية، ونشر العلمانية والقومية، والعمل داخل الإطار الذي لا يعارض مصالح النظام الدولي!
كتبه هثيم خليل
https://www.facebook.com/Abosalma/posts/10217897468975917