شاهدتُ بالأمس فيديو يحكي قصة زواج فتاة يمنية من كوري يدّعي الإسلام، يعيش في اليمن، وتأثرت بشدّة بندائها الموجع لأبناء بلدها تطلب منهم النجدة.
الفتاة اليمنية كانت تعتقد أن زواجها من كوري يعيش في بلدها ويزعم الإسلام ويتكلم العربية سيغير حياتها للأفضل. لكن بعد فترة من الزواج، اكتشفت أن التوقعات التي بنتها كانت بعيدة عن الواقع. وبعد انفصالها، واجهت مشاكل قانونية واجتماعية عديدة رغم أنها في بلدها فما بالكم لو كانت في كوريا الجنوبية؟
وبينما كانت تبكي وتناشد أهل اليمن لتخلّص نفسها من هذا الزواج المحكوم بالفشل، شعرت أنه من واجبي أن أرفع الصوت مجددًا لتحذير الفتيات من مغبّة الزواج بالكوريين.
تخيلوا، هذه القصة حدثت في اليمن، فما بالكم إذا كان الزواج يتم في كوريا الجنوبية؟
أعلم أن هناك من الفتيات من تخدعهن فكرة هداية كوري إلى الإسلام بالزواج منه، لكن هذا المقال سيكون تنبيهًا حاسمًا لمن تقع في هذا الفخ. وبالنسبة للأخت اليمنية، فإنني على يقين أن أبناء اليمن الشجعان لن يتركوها وحدها حتى تنال حقها وتنصف.
إن ظاهرة زواج العربيات من كوريين تحت ذريعة إدخالهم في الإسلام أصبحت من القضايا المثيرة للجدل في السنوات الأخيرة. وللأسف، يبدو أن الكثير من الفتيات العربيات ينجررن وراء الأحلام الكاذبة التي تروجها الدراما الكورية والفرق الموسيقية، متخيلات أنهن قادرات على تغيير ديانة هؤلاء الشباب في غضون أيام قليلة بمجرد الزواج منهم. لكن الواقع يكشف حقائق مغايرة تماماً.
لذلك النقطة الرئيسية التي يجب توضيحها بعمق أكبر، هي: وهم القدرة على تغيير الكوري وجعله يعتنق الإسلام بعد الزواج. هذا الاعتقاد يعكس سوء فهم لدينامية التحول الديني. فالدخول في الإسلام ليس مسألة عابرة يمكن تحقيقها بمؤثرات عاطفية فقط أو خلال فترة قصيرة، خصوصًا إذا كان الشخص القادم من خلفية ثقافية لا تُولي أهمية للدين، مثل المجتمع الكوري المعاصر الذي يتسم بالإلحاد أو عدم التدين عند شريحة واسعة من شبابه.
كذلك، الدين في العالم الكوري لا يلعب الدور ذاته الذي يلعبه في المجتمعات الإسلامية. فالكثير من الكوريين يرون الدين جزءًا من التقاليد أو الإرث العائلي وليس مصدرًا للهداية الروحية. كما أن العديد منهم قد يكون تعرض لضغوطات أسرية طويلة لدخول دين معين مثل المسيحية أو البوذية، دون أن يستجيب. فكيف تتوقع الفتاة العربية أن تدخل زوجها الكوري في الإسلام بسهولة، بينما عائلته ربما حاولت معه لسنوات ولم تنجح؟
التجارب الفاشلة والأمثلة الحية
لدينا العديد من الأمثلة الموثقة عن تجارب فاشلة لهذا النوع من الزواج. في كثير من الحالات، الفتاة العربية التي تتزوج من كوري تجد نفسها تتنازل تدريجياً عن قيمها ودينها. ربما تبدأ بالتخلي عن الحجاب، ثم تتبنى العادات والتقاليد الكورية بشكل كامل. بل وقد تنتهي بعض هذه القصص بفقدان العقيدة الإسلامية تمامًا والانغماس في الثقافة الكورية بشكل كامل.
الكوري عندما يتزوج من فتاة عربية غالباً ما يكون باحثاً عن التجديد والتغيير، وليس عن الاستقرار الروحي أو الإيمان بالدين. والفتاة العربية التي تحلم بالزواج من كوري تخدع نفسها عندما تظن أنه سيصبح مسلمًا بسببها.
توجد العديد من الفتيات اللاتي وثقن تجاربهن عبر وسائل التواصل الاجتماعي وقنوات يوتيوب من كوريا نفسها، حيث تحدثن عن فشل زواجهن من رجال كوريين بسبب اختلافات ثقافية ودينية عميقة لم يتمكن الطرفان من تجاوزها.
وقد وثقت في قناة شؤون إسلامية مجموعة تجارب للزواج من كوريا الجنوبية واليابان وأوروبا ويمكنكم الاستماع إليها من خلال الرابط التالي:
التضحية بالقيم والثقافة
هناك تضحية واضحة بالقيم والثقافة العربية الإسلامية في هذه الزيجات. الفتاة التي تدخل في هذا النوع من الزواج تجد نفسها في بيئة تختلف بشكل جذري عن بيئتها الأصلية. كثير من الفتيات العربيات يعتقدن أن الثقافة الكورية “متحضرة” ومتميزة بناءً على ما يشاهدنه في الدراما الكورية، ولكن الحقيقة أن هذه الدراما تقدم صورة مثالية بعيدة عن الواقع.
في الواقع، الكوريون لديهم ثقافتهم التي تشمل عادات وتقاليد لا تتماشى مع القيم الإسلامية.
أيضًل قضية التعامل مع النساء واحترامهن ليست كما يُروج لها. الكوريون، مثلهم مثل غيرهم من البشر، لديهم مشاكلهم الاجتماعية، بما في ذلك العنف الأسري والمشاكل الزوجية.
معضلة الأطفال: حكم بالسجن المؤبد
أحد الجوانب الأكثر خطورة في هذا الزواج هو مسألة الأطفال. الفتاة العربية التي تتزوج من كوري وتنجب أطفالًا تجد نفسها في موقف صعب جدًا إذا أرادت العودة إلى وطنها. فالقوانين الكورية المتعلقة بحضانة الأطفال تجعل من الصعب جدًا للأم أخذ أطفالها معها إلى الخارج بعد الطلاق أو في حالة حدوث مشكلات زوجية.
هذا يعني أن الفتاة التي تتزوج من كوري عمليًا قد حكمت على نفسها بالسجن المؤبد في كوريا. إذا واجهت أي مشكلة، سواء على مستوى الدين أو الثقافة أو حتى حقوقها كأم، لن يكون بإمكانها العودة إلى وطنها بأطفالها بسهولة. هذا يضعها في موقف لا تحسد عليه، حيث يجب عليها أن تقرر بين البقاء في بلد قد لا تشعر بالانتماء له أو الانفصال عن أطفالها.
النهاية المتوقعة: الفشل غالبًا
في المجمل، زواج العربيات من كوريين محكوم عليه بالفشل في معظم الحالات. نعم، هناك قصص نجاح نادرة، لكن لا يمكننا بناء حكم عام على حالات استثنائية. النادر لا حكم له، وبالتالي، لا يجب أن تعتمد الفتيات على القصص القليلة الناجحة كمصدر للأمل.
المقالات والمقاطع الموثقة أثبتت أن هذا الاتجاه في الزواج هو مجرد تلاعب بالعواطف والأعراض. فالكوري في أغلب الأحيان يبحث عن تجربة جديدة، وإذا بقي مع زوجته لفترة، فإن الدافع الأساسي قد لا يكون سوى الجسد أو الاستغلال في العمل أو مصالح أخرى، وليس الاهتمام بالدين أو الالتزام به أو حتى الاهتمام بمشاعر المرأة وكرامتها.
في النهاية، يتعين على الفتيات العربيات التفكير بشكل أعمق وأكثر واقعية قبل الانجرار وراء هذه الأحلام الوهمية. فالزواج هو قرار مصيري، ويجب أن يكون مبنيًا على أسس وأهداف متينة أولها التمسك بالإسلام وحسن الخلق وإنشاء أسرة مسلمة، وليس على تصورات رومانسية أو ثقافية مضللة.
مصطفى الشرقاوي