لن ينجيك عند الله يوم الحساب إن قلت بلسانك دون وجود عمل حقيقي: كنت سلفيًا، أو أشعريًا، أو صوفيًا، أو على أي منهج معين.
لن ينجيك يوم القيامة إيمانك النظري (الأقوال) دون الأفعال التي تظهر في أرض الواقع حولك.
إنما الذي سينجيك هو أن تنظر في كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم وما كان عليه سلف الأمة وتطبق ذلك في حياتك العملية ما استطعت إلى ذلك سبيلا.
خشيتك لله وأعمالك التي فرضها عليك تنجيك يوم القيامة وترفع شأنك. قال تعالى: “إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ” (الحجرات: 13).
أعمال البر والخير التي قمت بها خالصة لوجه الله الكريم أعظم عند الله من جدالات حول مسائل كلامية تثير البغضاء بين المسلمين وتشق صفوفهم وتجعلهم فريسة سهلة لأعداء الأمة.
استغفارك في الثلث الأخير من الليل ودموعك التي تسكبها في جوف الليل حين ينام الناس هي ما يرفعك عند الله، كما قال صلى الله عليه وسلم: “ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه”.
صدقة ولو كانت قليلة تنجيك يوم القيامة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ”.
خشوعك في الصلاة وعملك الصالح ينجيك يوم القيامة، قال تعالى: “قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ. الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ” (المؤمنون: 1-2).
غيرتك الصادقة على الحرمات إذا انتهكت والاهتمام بقضايا المسلمين من علامات الإيمان الحق، فقد قال صلى الله عليه وسلم: “إن الله يغار، وإن المؤمن يغار، وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله”.، وقال: “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”.
باختصار: ما ينجي العبد تقواه لله وإخلاصه في العمل، لا الانتماءات والمذاهب، وإنما صدق النية وعمق الإيمان هما المعيار الحقيقي عند الله.
النجاة تكون في الابتعاد عن تلك الفرق كلها والاعتزاز بالإسلام لا غير، وموالاة كل مؤمن والبراءة من كل كافر، وفهم حقيقة “لا إله إلا الله”.
وعندما نترك حظوظ النفس ونتخلى عن مصالحنا الضيقة، حينها نصبح من أهل الورع والتقوى. ورأس العلم هو الخشية من الله، ولبّه الصدق. هذا هو الطريق، طريق النجاة الذي لا يلتفت للشعارات ولا للانتماءات، بل يركز على الإخلاص في القول والعمل، على مخافة الله في السر والعلن.
الناس يوم القيامة يُبعثون فرادى، لا جماعات، فلا حزب يجمعهم ولا طائفة تضمهم في ذلك الموقف العظيم، يقف كل إنسان وحيدًا أمام خالقه، لا يُسأل عن انتماءٍ إلى جماعةٍ أو فكرٍ أو منهج، بل عن إسلامه الذي في قلبه، وعن عقيدته التي عاش عليها وعمل بها.
فلا ينفعك يومئذٍ إلا صدق توحيدك، وإخلاص عملك لله. فلا عاصم من أمر الله إلا إيمانك وعملك الصالح، وصدق الله حين قال: “يوم يفر المرء من أخيه، وأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه. لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه” (عبس: 34-37).
مصطفى الشرقاوي