هذه مقالة قصيرة لإبراز جانب يسير من خدمات الإمام السيوطي رحمه الله تعالى لكتاب الله جل وعلا وهو جانب يسير من خدماته العظيمة للإسلام ككل والتي نعجز أن نبرزها في مقالة كهذه فاليراع يكل عن تعداد ذلك !!
إذا ذكر السيوطي بين أهل العلم حضر ذكره السيل الهادر من مؤلفاته العظيمة المتميزة المتفردة في كل فنون العلم فقد صَنَّف في التفسير وعلوم القرآن، وفي الحديث وعلومه ، وفي أصول الدين والتصوف ، وفي الفقه وأصوله ، وفي السيرة والخصائص والتاريخ ، وفي الطبقات وأنواعها ، وفي اللغة وعلومها ، وفي الأدب والشعر والغرائب واللطائف ، حتى صنف في علوم خاصة بمن يحتاجها تتعلق بالنساء ومعاشرتهن ،
فأتى رحمه الله بما لم يسبق إليه وأنتج للأمة مالا يمكن الاستغناء عنه .
ونحن هنا بموجب تخصصنا في التفسير وعلوم القرآن وانشغالنا به عشرات السنين نقول كلمة لن توفي قدر خدمات هذا الإمام لكتاب الله ولكنها تنبه الغافل وتذكر الناسي .
لقد صنف الإمام في التفسير وعلوم القرآن فقط قرابة أربعين مصنفا أتى على ذروة سنامها أعظم كتاب ألف في علوم القرآن وهو قبلة طلاب العلم والعلماء كبارهم وصغارهم وهو كتاب الإتقان في علوم القرآن إذ أتى فيه بما يبهر العقول ويشفي النابه السؤول .
ومعه أعظم كتاب ألف في التفسير السلفي الأثري وهو عمدة الباحثين المهتمين بهذا الفن من التفسير وهو أساس فهم كتاب الله وهو كتاب الدر المنثور في التفسير بالمأثور
ولايغيب عنا أصل هذا الكتاب وقد كان أضخم منه ومرصعا بالأسانيد وهو كتاب ترجمان القرآن ولكنه مفقود
بل هناك تفسير له أعظم من ذلك جمع فيه المعقول والمنقول وسماه مجمع البحرين ومطلع البدرين ولاندري أتمه قبل وفاته أم لا فهو مفقود كذلك .
كما لايفوتنا الكتاب العظيم المميز المختصر في تفسير كتاب الله وهو مرجع أساس لمن بحث عن التفسير المختصر وهو كتاب تفسير الجلالين الذي أتم فيه ما بدأه شيخه الجلال المحلي ولايكاد تخلو منه مكتبة طالب علم .
وإذا ذكرنا الناسخ والمنسوخ فحيهلا بالسيوطي وإذا ذكرنا أسباب النزول فحيهلا بالسيوطي وإذا ذكرنا أسرار التنزيل فحيهلا بالسيوطي وإذا ذكرنا مبهمات القرآن فحيهلا بالسيوطي وإذا ذكرنا تناسب السور وفضائلها فحيهلا بالسيوطي وإذا ذكرنا طبقات المفسرين فحيهلا بالسيوطي وإذا ذكرنا طبقات القراء فحيهلا بالسيوطي … وهلم جرا
فكل باحث في القرآن وعلومه وكل عالم تخصص في هذا الفن وكل طالب علم رام هذا الباب لايمكن له إلا أن ينهل من معين الإمام السيوطي ويسكب الحسنات تلو الحسنات في ميزان حسناته .. فهنيئا له ثم هنيئا له .. فكيف لو أضيف إليها حسنات من وقعوا فيه وولغوا في عرضه الطاهر المطهر ؟؟
ونترك لزملائنا من أهل العلم المختصين في الحديث وعلومه أن يحدثونا عن أعظم ما ألف في الحديث ومصطلحه مما لاتستغني عنه الأمة كالكتب التي حيرت ألباب العلماء وطلاب العلم مثل جمع الجوامع الذي تعجز عنه المجامع العلمية لو اجتمعت على تأليف مثله ولم يكن ثمة كمبيوتر ولا الشيخ قوقل
ولا ألفية السيوطي التي فضلها أمم على ألفية العراقي ، ولا تدريب الراوي شرح تقريب النواوي .. ولا ..ولا ..
ونترك للمختصين في كل فن أن يتحفونا بنتاج هذا الإمام في فنهم الذي لولا بركة جعلها الله في عمره وفي جهده ومنزلة خاصة له عنده لما استطاع عشر معشار ما خدم به الإسلام والمسلمين .
أما ثناء العلماء عليه وعلى مصنفاته فدون حصره خرط القتاد وقد ألفت فيه الكتب وقدمت فيه الأطروحات والرسائل الجامعية ويصعب الإحاطة بذلك ولكن حسبنا من القلادة ما أحاط بالعنق فمن ذلك :
(الإمام جلال الدين السيوطي فقيهاً ولغوياً ومحدثاً ومجتهداً) الذي حرره عدد من كبار العلماء المتخصصين .
(الإمام السيوطي وجهوده في علوم القرآن ) لمحمد يوسف الشربجي (رسالة دكتوراه).
(الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي وجهوده في الحديث وعلومه ) د. بديع السيد اللحام.
(دور الإمام السيوطي في إحياء حركة الاجتهاد الفقهي) د. محمد الدسوقي.
(إسهام السيوطي بالإفتاء) د. محمد الزحيلي.
(الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي) لإياد الطباع
(جلال الدين عبد الرحمن السيوطي ومنهجه في الكتابة التاريخية) د. محمد عبد الوهاب فضل.
(جلال الدين السيوطي: منهجه وآراؤه الكلامية) د. محمد جلال أبو الفتوح.
(الإمام السيوطي وفن السيرة الذاتية) د. عبد الإله نبهان.
(السيوطي صاحب الـ7علوم، حدث في العام الهجري ) لمصطفى عاشور
(جلال الدين السيوطي) مصطفى الشكعة.
(حياة جلال الدين السيوطي مع العلم من المهد إلى اللحد) لسعدي أبو جيب
(عظماء الإسلام عبر أربعة عشر قرنًا من الزمان) لمحمد سعيد مرسي
وقد أجمعت الأمة على فضله وإمامته حتى يقال فيه ماقيل في سائر علماء الأمة الأكابر أعمدة الإسلام أنه قد جاوز القنطرة ولايضره في ذلك ما شاب جهوده المباركة من أخطاء من وجهة نظر مخالفيه فكل العلماء كذلك وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
د. محمد يوسف الأزهري