الإخوة في حركة حما س
نعم الإخوة، ولكم النصيحة..
اعلموا، وأنتم تعلمون، ولكن من باب: ( وذكّر ) أنّه لا يمكن التفحيج على الدنيا والآخرة، إمّا الدنيا ولها طريقها، وإمّا الآخرة ولها طريقها، وما أراه اليوم، ويراه كثيرٌ من الصادقين في الأمّة في الداخل والخارج، أنكم تبتعدون أكثر عن طريق الآخرة إلى طرق الدنيا، إلى طرق الدول المدنية في الحكم والسياسة، وفي الاقتصاد والأخلاق..
تبتعدون أكثر عن الثوابت والمبادئ التي كانت مادة الخطباء والمنظرين منكم في المساجد والمناسبات في الثمانينيات وقبلها وبعدها..
تبتعدون عن نهج المؤسسين الأوائل وعن رؤاهم ووسائلهم، بل وأهدافهم، عن نهج أحمد ياسين، والرنتيسي والريان والمقادمة وغيرهم – رحمهم الله جميعًا -.
تقتربون إلى كونكم جباة أكثر من دعاة..
أقرب إلى الظلم من العدل، وإلى القسوة من الرحمة، وإلى ذواتكم من مواطنيكم!!
لا تبدو عليكم سيما ولا دلائل ( الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ) وهذه القناعة تتزايد، حتى عند كثيرين جدًا ممّن يحبونكم ويريدون لكم ومنكم الخير والصلاح..
تستطيعون إلزام وإقناع أتباعكم وأبناءكم بما تشاؤون، وتستطيعون فرض ما تريدونه على المواطنين بالقوة والإكراه، وتستطيعون ركوب حصان التأويل وليّ أعناق النصوص كما تشتهون..
لكن، اعلموا أنّ في الناس علماء وفقهاء وصادقين ومخلصين وضعفاء وأولياء، وأنّ هناك مَن يفهم الأمور جيدًا، وهناك مَن له رأي وعنده سداد، وهناك ضعيف لو دعا مولاه لأجاب، وهناك مظلوم ومقهور يدعو آناء الليل وأطراف النهار، وفوق الجميع: الله الملك العدل الذي لا تتخلف سننه ولا تحابي أحدًا، فاستقرئوا التاريخ والسنن، وتأملوا سبب قيامكم وتجمعكم، ثمّ انظروا موضع أقدامكم اليوم، ووسائلكم وأهدافكم كيف تبدلت!!
وبينما أنا أكتب هذا الكلام، يأتي بيانُكم ليؤكد على ما أقول: فيأتي التأكيد على إعادة العلاقة مع القاتل المجرم الذي فاقت جرائمه وبشاعتها جرائم الاحتلال .. الذي لازالت أنيابه تلوك لحوم ضحاياه من المسلمين الأبرياء، فأين الولاء لهم، وأين البراء منه ومن كفره وجرائمه.. تعلنون إعادة العلاقة بعد مقدمة سمجة باردة اجتهد كتابها في أن تكون مبررًا وتأويلًا لهذا الانحراف والقرار الخطير، فقد أكثرتم من دق المسامير، ولستم مَن يقرر المستقبل والمآل، بل السنن هي التي تجري، ولها كلمة الفصل.
وعذرًا يا أهل الشام.. عذرًا أيها الموتى والشهداء، عذرًا أيها السجناء المعذبون الآن في سجون الجزار، عذرًا أيها المشرّدون في الفيافي والصحاري، عذرًا أيتها الأرامل والأيتام، عذرًا أيها المعذّبون بآثار الصواريخ والبراميل والحصار..
وأحسب أنّ المرحلة القادمة ستكون استعمال البطش والقوة ضد المعارضين والرافضين لهذا المسار، فهذه طبيعة الأشياء، والله المستعان.
وأختم بكلام نفيس لسيد قطب – رحمه الله تعالى – في الظلال تعليقًا على هذه الآية التي أطلقها اللهُ – سبحانه وتعالى – في وجه الجيل القرآني الفريد:
( مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ )
قال – رحمه الله -:
وهو تقرير لحال الرماة وقد ضعف فريق منهم أمام إغراء الغنيمة، ووقع النزاع بينهم وبين من يرون الطاعة المطلقة لأمر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وانتهى الأمر إلى العصيان بعد ما رأوا بأعينهم طلائع النصر الذي يحبونه فكانوا فريقين: فريقا يريد غنيمة الدنيا، وفريقا يريد ثواب الآخرة، وتوزعت القلوب فلم يعد الصف وحدة، ولم يعد الهدف واحدا، وشابت المطامع جلاء الإخلاص والتجرد الذي لا بد منه في معركة العقيدة، فمعركة العقيدة ليست ككل معركة إنها معركة في الميدان، ومعركة في الضمير، ولا انتصار في معركة الميدان دون الانتصار في معركة الضمير، إنها معركة لله فلا ينصر الله فيها إلا من خلصت نفوسهم له.
الشيخ مجدي المغربي
داعية إسلامي – غزة