كنت أحدث بناتي أمس عن الدراسات التي تقول أن نسبةً من حالات الانتحار وسط الفتيات واليافعات هي نتيجة لكراهية أشكالهن ! فقالت لي إحدى بناتي: “نعم صحيح…كثيراً ما نسمع منهن عبارة: شكلي بشع!”
المشكلة أكبر مما يتصور كثير من الآباء…تمضي الفتاة أوقاتاً على منصات مثل أنستغرام… حيث تتبادل صور “الفنانات” و”المغنيات” و “المشهورات”…ثم تجلس الفتاة تقارن نفسها بهؤلاء “القدوات الجمالية”!
لا تعلم الفتاة أن الكثير من هؤلاء يجرين عمليات جراحية ويعانين نفسياً لتحافظ على مظهرها الخارجي…
لا تعرف أن هؤلاء هن أوضح أمثلة على تسليع المرأة “objectification”، معاملتها كسلعة، لا كإنسانة.. وأن كثيراً منهن يخفين تحت طبقة الجلد ومساحيقها وكريماتها نفساً مسحوقة، مضطربة، مشتتة، ضعيفة، خائفة…
لم تتعلم الفتاة من والدَيها ولا في مدرستها ولا مجتمعها أن قيمتها هي في دينها وجمال خُلُقها ورجاحة عقلها وطيبة قلبها…وهي كلها أمورٌ مكتسبة لا تحتاج معها إلى مساحيق ولا عمليات، ولا تزداد مع الأيام إلا جمالاً، بخلاف جمال المظهر الذي قد يخبو ويذبل..
لم تكن تربيتها على قول الله تعالى: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) وقول نبينا صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا ينظر إلى أجسادكم، ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم) (رواه مسلم).
بل وحتى مقاييس الشباب والرجال عند الزواج كثيرا ما تكون متعلقة بالمظهر الخارجي وتهمل طيبة القلب وطهارة النفس…
والنتيجة: الفتاة كارهة لمنظرها (والذي هو بالنسبة لها المقياس لقيمتها كما)…فتصبح نظرتها لنفسها مهزوزة، بل وقد تعترض على قدَرها !
يا ابنتي….كوني قوية مستقلة، قوية بإيمانك واعتزازك بدينك وما منحك الله من مقومات، ومستقلة عن المعايير الباطلة التي يتداولها بعض بنات جيلك ومجتمعك…قيمتك ليس هؤلاء من يحددونها، فهم لا يملكون لأنفسهم سعادة ولا طمأنينة فضلا عن أن يمنحوها لك. واجمعي قلبك على رضا من ينظر إلى قلبك سبحانه، لتعيشي راضية مطمئنة مرضية.
د. إياد قنيبي