الحمد لله.. وبعد،
سأذكر في هذا المنشور بإذن الله شيئًا من التأصيل المتعلق بمسألة الترحم على الممثلين والمغنيين وما شابه:
ما يفعله الممثلون والممثلات اليوم لا يندرج بحال تحت مجرد الذنب أو المعصية؛ بل أصل فعلتهم الإفساد في الأرض والمجاهرة بالفسوق والاستعلان بالفحشاء..
بل وغالبًا ما يتجاوز ذلك إلى موالاة الظلم ومعاداة الدين بجلاء.
هذا الأصل يجب تقريره أولًا قبل مناقشة حكم الترحم على من مات منهم دون توبة.. ومن ثَم استصحابه حال النظر .
لكل مسألة شرعية صورة ثم مناط نظر نصل من خلاله للحكم على تلك الصورة؛ فنقول: هذا جائز أو مستحب أو حرام، وخلافه.
أحد أعظم الإشكالات المتكررة= عدم تصور المسائل الحادثة بشكل صحيح في فهوم الخائضين؛ يعني لا تقوم في ذهن المتكلم صورة صحيحة للمسألة التي يريد الحكم عليها.. أو تقوم صورة منقوصة..
يأتي أحدهم اليوم يؤصل تأصيلًا مطولًا لبيان جواز الترحم على ممثل مات أو ممثلة؛ يقيم الدنيا وكأن هذا الترحم فرض عين على كل مسلم..
حسنًا..
مذهب عامة أهل السنة= مشروعية الترحم على كل من مات على الإسلام؛ ويدخل في ذلك أهل البدع والفسوق.
وكذا مشروعية الصلاة عليهم رغم كونهم أهل بدعة أو فسق..
لم يخالف في هذا الأصل – فيما أفهم – إلا الخوارج والمعتزلة.
رغم هذا استحب بعض الأئمة ترك الصلاة على أهل البدع والمجاهرة بالفسق أحيانًا.. لماذا؟
قالوا: لأن في ذلك مصلحة عامة للمسلمين تتمثل في زجر أهل الأهواء لترك بدعتهم، وتقبيحها في نفوس عامة الناس.
طبعًا مع قيام غير العلماء والوجهاء من عامة المسلمين بالصلاة عليهم .
ومستندهم في ذلك= أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك الصلاة أحيانًا على غير واحدٍ؛ كقاتل نفسه ومن مات عليه دين.
والأصل في هذا الاستنباط= ترك المشروع من بعض الأعيان التماسًا لمصلحة أعلى؛ دون تغيير الحكم الشرعي.
فالحكم الشرعي بالجواز= باق كما هو.. لكنهم يتأخرون عنه لمصلحة راجحة.
وقطعًا ثمة فروق شاسعة بين موت رجلٍ عاصٍ من المسلمين وموت رجل مفسد في الأرض مجاهر بفاحشته بل مستحل للحرام البيّن أحيانا..
ومن ثم نقول: إن استصحاب الأصل العام بجواز الترحم على العصاة وإهمال كافة العوامل المصاحبة في حال أولئك الممثلين= خلل بشع في الفهم!
ولا يلزم من هذا قولنا بحرمة الترحم على من مات منهم على الإسلام!
قطعًا لا؛ الترحم عليهم مشروع.. لا ننفيه ولا نعطله!
أكرر – حتى لا يأتي عليل فهم كالمعتاد يقول حرمتوا علينا عيشتنا – وأقول: لا أنفيه ولا أمنع منه!
لكن نقول: إن ثمة مصالح جلية تجعلنا نهمل الترحم عليهم أحيانًا زجرًا لهم وبغضًا لهم في الدين، وإظهارًا لفحش منكرهم عند عامة المسلمين.. وحتى لا يصير أمر الفحش هينًا عند الناس!
وخروج المنتسبين للعلم للمجادلة والانتصار لهم واستدعاء الأدلة العامة= نقص عقل في كثير من الأحيان مآله تهوين جريمتهم الشرعية بل والإنسانية في نفوس الناس؛ وكأنه مجرد مسلم وقع في شيء من الذنوب.
وليس هذا فقهًا ولا علمًا؛ بل هذا حمق!
والأعجب من هذا أنهم لربما اعتبروه أمارة وسطية وبراءة من التشدد!! وهذا أيضًا حمق آخر!
بالمناسبة: الفرح بهلاك المحادين لله المجاهرين بالفحش المفسدين في الأرض أيضًا جائز وإظهاره جائز؛ بل ومستحب أحيانًا..
مع الاعتذار طبعًا لأصحاب اذكروا محاسن موتاكم، وأفضى إلى ما قدم
والله أعلم.
أحمد سيف