صدر منذ أيام قليلة كتاب “نقد التقليد الكنسي” للأستاذ محمد هنداوي الأزهري، في مناقشة الكنيسة المصرية الأرثوذكسية. وانتهى المؤلّف إلى أنّ هذه الكنيسة مهرطقة بمعاييرها هي نفسها.. وانتهى إلى أنّ “التقليد” خرافة لا اصل لها.. والكتاب فيه أدب ولين.. ولكن تمّ التحريض على الكتاب أمنيًا وسُحب من المعرض بعد يومين فقد من عرضه رغم أنه لم تطبع منه سوى مئات النُسخ.
حشد المتعصّبون أبناءهم وإخوانهم، وبدؤوا في شتم المؤلف، حتى رأيت تعليقًا لأحدهم يصف المؤلف أنه “ابن عائشة” رضوان الله عليها.. وخرج أسقف مغاغة (الذي لم يستطع أن يفهم العنوان!) ليحرّض في عظته على الكتاب، وليعرض رقم إيداع الكتاب بالأرقام في الموعظة، وهدد بأنّه إذا لم ُيسحب الكتاب فستكون “فتنة طائفية” (أي: اصمتوا أو حنولعها).. ولما أراد أن يذمّ الكتاب قال: هذا كتاب لا يمكن أن يكتبه مسلم لما فيه من معرفة واسعة. ولذلك جزم أنّ أعداء الكنيسة من الداخل، أصحاب الكتاب .. فمدح الكتاب لما أراد ذمّه.
ومن باب الإنصاف، وقف عدد غير قليل من أبناء الكنيسة المرقسية وغيرهم من البروتستانت والكاثوليك في الدفاع عن حق الكاتب في المناقشة، وأنّ الكتاب جاد وعميق حتى لو لم يوافقوا صاحبه؛ فلا يُرد عليه بالعبث الطفولي الذي رأيناه باقتباس جملة من هنا وهناك من الكتاب..
رأيي الشخصي: بالمصري: هذا الكتاب “مالوش حلّ”، ولو حشدت الكنيسة للرد عليه من شاءت.. وإصدارهم كتابا في الرد عليه بعد أيام قليلة من إصداره، دليل صبيانية من ردوا؛ فالكتاب ضخم، وقد حشد فيه المؤلف ما ينقض حجج أرثوذكسية الكنيسة مما يحتاج مجلدات للتعقيب عليه.. وقبل ذلك أقول: الرد يحتاج إثبات أرثوذكسية الكنيسة قبل تعقب المؤلّف.. يعني الأمر يحتاج “مجمعًا كنسيًا” للردّ..
أخيرا.. من هلع خصوم الكتاب أنهم نشروه على الشبكة حتى لا ينتشر ورقيا.. ولو أنهم صمتوا لمرّ الكتاب دون أن ينتبه إليه الناس؛ لأنه كتاب أكاديمي دسم، ولكن أراد الله للكتاب الانتشار على ألسنة هؤلاء.. وأزعم أنّ الله سبحانه قد أراد لهذا الكتاب أن يكون فاتحة اهتمام الباحثين المسلمين بالكنيسة المصرية ودعوى أصالتها العقدية.
ولا أظنني أحتاج تنبيه جميع صفحات مناقشة النصارى والردّ على الشبهات نشر الكتاب والتعريف به؛ فقد انتهى زمن تكميم الأفواه وإرهاب الباحثين المسلمين..
د. سامي عامري