عادة البدع والانحرافات في الغالب أن تبدأ صغيرة ، ثم تكبر ويتفاقم شرها ، وهكذا الحال مع الأوراد والأذكار البدعية التي لا تقتصر مخالفاتها فقط على مسألة العدد ، أو اشتراط الإذن من الشيخ ، أو عدم الاكتفاء والاستغناء بالوارد شرعا ، وإنما تطور الأمر إلى دركات أخطر ، مع ترسيخ فكرة وجود أسرار خفية لا يعلمها إلا الشيوخ الواصلون ، وليس على المريد سوى الامتثال حتى يحظى بالوصول ، ولا يحق له الاعتراض أو المناقشة ، لأن من قال لم لا يفلح ، ومن اعترض طرد ، وكن مع الشيخ كالميت بين يدي المغسل !! وهناك ( نورانيات تأتي على القلب ، و يتلقفها العقل ، ولا يعلمها الدارسون )
وتأمل هذا العبث ، وتعجب من دعاوي أصحابه أنهم العارفون بالله والواصلون إليه :-
– من أوراد الطريقة الجيلانية ” وأسألك الوصول بالسر الذي تدهش منه العقول ، فهو من قربه ذاهل أتينوخ ب أملوخ ب ي وأمن آي وأمن مهباش الذي له ملك السماوات والأرض ”
– ومن أوراد الطريقة الدسوقية ” اللهم آمني من كل خوف وهم وغم وكرب كدكد كردد كردد كردد كرده كرده ده ده ده الله رب العزة ”
– ومن أوراد الطريق البرهانية “احمى حميثا أطمى طميثا ..بها بها بهيا بهيا بهيات بهيات القديم الأزلي يخضع لي كل من يراني لمقفنجل يا أرض خذيهم ”
– ومن أوراد الطريقة الكتانية ( يَا طَمُوشُ يَا طَمُوشُ يَا يَحُومُ يَا سَيْحُومُ يَا شَبْطُوشُ يَا سَيْطُوشُ يَا شَعْيَابُ يَا هَيْلُوتَا يَا شَيْلُوتَا يَا عَلْشَاقِشُ يَا مَهْرَاقِشُ يَا شَعْيُوبُ يَا شَرَاهَيَا أُدْنُ مِنِّي عَلَى سَطْحِ الشِّينِ فِي نَفْسِ التَّعَيُّنَاتِ العَدَمِيَّةِ المَوْجُودَةِ المَنْقُوشَةِ فِي يَاقُوتَةِ الذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ، إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ، حَتَّى أَغِيبَ عَنْكَ بِكَ فِي هُوِيَةِ إِجْمَالِ حَتَّى إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا، وَاجْذُبْنِي إِلَيْكَ جَذْبَةً لَهْوَانِيَةً فَهْوَانِيَةً حَتَّى أَنْبَسِطَ فِي مَيَادِينِ مَا عَلَى المُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ )
– ومن مجربات مفتي مصر السابق د. علي جمعة ” اهمن سقك حلع يص ” تقال 1111 مرة.
ولا أعلم كيف يطمئن إنسان عاقل لأن يذكر ربه بمثل هذه العبارات ، التي لا يدري هل هي مدح أم قدح ، وحق أو باطل ، لكن هكذا يفعل التقليد بأهله ، وهذه عاقبة تعطيل العقول التي وهبها الله للإنسان ، والسير الأعمى وراء المشايخ والمتبوعين دون إدراك أو تمييز .
( تنبيه مهم : ليس غرض المنشور السخرية واستجلاب الضحك ، ولا التعميم ، ورمي كل صوفي بأنه يردد تلك الخزعبلات أو يقرها ، وإنما المقصود نقد فكرة التسليم الأعمى للشيوخ من أي طائفة كانوا ، وإنكار البدع والمحدثات )
د. أحمد قوشتي