تحتاج النفوس المؤمنة دائما للحديث عن الجنة ، والتذكير بها ، وإثارة الشوق إليها ، ففي ذلك عزاء عند نزول الشدائد ، وتهوين لمتاعب الدنيا ، وشحذ للهم كي تسلك الطريق إلى الله .
وإذا كان الصحابة قد طلبوا من نبيهم صلى الله عليه وسلم أن يحدثهم عن الجنة ، فما بالك بنا في هذه الأيام الصعبة .
ففي المسند عن أبي هريرة أن الصحابة قالوا ” يا رسول الله، حدثنا عن الجنة، ما بناؤها؟ قال: ” لبنة ذهب ولبنة فضة، وملاطها المسك الأذفر، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وترابها الزعفران، من يدخلها ينعم ولا يبأس، ويخلد ولا يموت، لا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه ”
وبإمكانك أن تسرح كيف شئت في تخيل الجنة ونعيمها ، ومهما بلغ خيالك فلن تصل إلى تمام حقيقتها ، ولا كمال ما فيها من عجائب ومدهشات، وفي الحديث القدسي ” قال الله عز وجل: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، مصداق ذلك في كتاب الله: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون} [السجدة: 17] ”
والجنة ليست مجرد حقيقة قادمة فقط . إنها المواعيد التي تم تأجيلها رغما عنا ، والأماكن التي لا تستطيع الأرض منحنا إياها.
إنها الحب الذي بخلت به الدنيا، والفرح الذي لا تتسع له الأرض، إنها الوجوه التي نشتاقها.. والوجوه التي حرمنا منها..
إنها نهايات الحدود وبدايات إشراق الوعود، إنها استقبال الفرح ووداع المعاناة والحرمان.
الجنة زمن الحصول على الحريات على التمام والكمال.. فلا قمع ولا سياج ولا سجون، ولا خوف من القادم والأهوال ، ولا ترقب للمصائب والمنغصات .
الجنة موت المحرمات.. وموت الممنوعات..الجنة حيث الراحة من ظلم الظالمين ، وطغيان الطاغين ، والمسوخ البشرية ، المتجردة من كل شفقة أو إحساس .
الجنة حيث لا صوت مزعج ، ولا رائحة كريهة ، ولا نفوس قميئة ، ولا قلوب مريضة .
الجنة حيث لا حسد ، ولا حقد ، ولا غيرة ، ولا غيبة ، ولا خيانة ، ولا عمالة .
الجنة موت الملل.. موت التعب.. موت الشقاء ..موت الحزن
موت اليأس ، موت القنوط ..موت المرض ..موت النصب .
الجنة موت الموت !!!
الجنة لقاء الأحبة محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه .
الجنة حيث أنعم نعيم ..وألذ لذة ..وأجل نعمة ، وأعظم غاية ” رؤية وجه الله الكريم ”
اللهم ارزقنا الجنة وأجرنا من النار .
انظر كتاب الجنة حين أتمنى لمحمد الصوياني .
د. أحمد قوشتي