نظرت إلى أغلب المشكلات على أرض الواقع وفي مواقع التواصل فوجدت أن السبب الأول ربما -من وجهة نظري- هو عدم الرضا بما قسمه الله للعبد (ليس الرزق فقط بل في كل شيء) والنظر لما في أيدي الناس (أيضا في كل شيء) مما أدى إلى مرض الحقد والحسد.
فالأمر لا يتعلق بالرزق فقط بل بالشكل والأولاد والزوجات وبعض النعم الأخرى وهي كثيرة.
وستجد كل جريمة خلفها هذا المرض الكبير فالسرقة ليست في كل الأحوال بسبب دناءة النفس بل قد يكون دافعها الحقد والحسد، وكذلك القتل والخيانة والغدر ومعظم الجرائم الأخرى.
وقد عالج رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الظاهرة في الصدر الأول من الإسلام وكانت النتائج مبهرة، ولما لا وهو المؤيد بالوحي من الله وصاحب الخلق العظيم.
أعطيكم مثالا واحدًا على نتائج وثمار دعوته صلى الله عليه وسلم في هذا الباب.
يقول الصحابة: ما من مهاجر دخل المدينة، إلا بالقرعة من كثرة تسابق الأنصار على من يأتي من المهاجرين. كل منهم يريد أن يضيفه هو، فكانوا يدخلون بالقرعة.
لذلك مدح الله صنيعهم حيث قال تعالى: (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الحشر: 9].
هانت الدنيا في نظرهم وزالت حظوظ النفس من الصدور فأصبح الرجل يحب أخاه في الله ولله وأصبح المال عندهم بلا قيمة وصار وسيلة فقط لرضا الله تعالى وكل ذلك بسبب التربية النبوية المباركة.
وإليكم بعض الأحاديث النبوية التي أسأل الله أن ينفع بها مع العلم سنة النبي صلى الله عليه وسلم فيها أمثلة كثيرة ولكن نكتفي بهذه الثلاثة للاختصار:
قال رسولُ اللَّه ﷺ: (انْظُرُوا إِلَى مَنْ هو أَسفَل مِنْكُمْ وَلا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوقَكُم؛ فهُوَ أَجْدَرُ أَن لا تَزْدَرُوا نعمةَ اللَّه عَلَيْكُمْ) متفقٌ عَلَيْهِ، وهذا لفظ مسلمٍ. وفي رواية البخاري: إِذا نَظَر أَحَدُكُمْ إِلَى مَنْ فُضِّلَ عليهِ في المالِ وَالخَلْقِ فلْيَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْهُ.
وعن النَّبيِّ ﷺ قَالَ: (تَعِسَ عبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَالقَطيفَةِ وَالخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ) رواه البخاري.
قَالَ رسولُ اللَّه ﷺ: (الدُّنْيَا سِجْنُ المُؤْمِنِ، وجنَّةُ الكَافِرِ) رواه مسلم.
مصطفى الشرقاوي
https://www.facebook.com/MostafaJournal/posts/798800184289302