في هذا المقال القصير نتحدث عن المؤامرة وموقف المسلمين منها ولكن هذه المرة من كتاب الله تعالى فقط!
وهل المؤامرة مذكورة في القرآن الكريم؟
من المعلوم أن لفظ (مؤامرة) لم يذكر في كتاب الله، وإنما وردت بعض الكلمات والألفاظ التي تحمل تقريبا نفس المعنى الذي يتداوله الناس الآن.
ومما ذكر في القرآن الكريم بهذا المعنى:
– إنهم يكيدون كيدًا
– وإذ يمكر بك الذين كفروا ..
– ومكروا مكراً كبّارًا
– وإن كان مكرهم لِتزول منه الجبال
إذن فالمؤامرة موجودة بل خطيرة للغاية فلماذا تنكرون على أصحاب نظرية المؤامرة وتهاجمون كلامهم؟
أولا معظم هؤلاء القوم يذكرون للناس المؤامرات ومدى خطورتها بل يهولون من شأنها ويخدمون أصحابها ويبثون الذعر والخوف في نفوس المسلمين، بل وأحيانا إشعارهم وكأن البشر يمكنهم فعل ما يريدون دون أن يتصدى لهم أحد لدرجة الترويج مؤخرًا لفكرة وضع شريحة صغيرة من أجل التحكم في جسم الإنسان والسيطرة على عقول البشر جميعا وعقيدتهم وطريقة تفكيرهم، ثم تجد في ثنايا كلامهم عبارات من نوعية (لن تستطيع رفضها – ستكون إجبارية – ستدخل السجن لو رفضتها – حياتك ستتوقف على هذه الشريحة – ستموت بالفيروس لو لم تركب هذه الشريحة..إلخ).
وهذا بلا شك قمة التخويف والإرجاف.
ومما يؤكد لك أن هؤلاء يتعمدون فقط التخويف، أنهم يغفلون الجانب الآخر من كتاب الله تعالى الذي يبطل نظرياتهم ويجعلها واهية لا قيمة لها ويطمئن قلوب المؤمنين.
والجانب الآخر هو نتائج هذا المكر والكيد العظيم. فالله سبحانه وتعالى الذي أخبرنا بأن مكرهم لتزول منه الجبال، أخبرنا أيضا بمآلات ونتاج هذا المكر والكيد في الدنيا والآخرة حيث قال في كتابه الكريم:
– وما كيد الكافرين إلا في ضلال
– أم يريدون كيداً فالذين كفروا هم المكيدون
– ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله
– سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعذاب شديد بما كانوا يمكرون
– فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين
– يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئًا ولا هم ينصرون
وهذه بشرى الله تعالى بأن كيد الكافرين في ضلال وأنهم هم المكيدون وأن الكيد يرتد عليهم بل يكون سببًا في تدميرهم لكي تطمئن قلوب المؤمنين ولا يصيبهم الرعب والخوف، لأن الإنسان إذا سيطر عليه الخوف والذعر فلن يفعل شيئا بل ربما يستسلم، وسيكون فريسة سهلة لأعداء الله، وقد نجح أعداء الأمة إلى حد كبير في نشر الوهن بين المسلمين وأقنعوا بعضهم للأسف، ويساعدهم في ذلك مجموعة من غلاة نظرية المؤامرة.
لم يتوقف الأمر عند طمأنة المسلمين وإخبارهم بنتائج هذه المؤامرات في الدنيا وعاقبتها في الآخرة، بل أخبرنا الله أنه سبحانه بنفسه يكيد لهم ويمكر بهم، وهذا من فضله وكرمه لأن المؤامرات الحقيقية ليست معلنة ولا يستطيع عامة الناس الاطلاع عليها فكان الله تبارك وتعالى لأصحابها بالمرصاد حيث قال:
– إنهم يكيدون كيدًا. وأكيد كيدًا
– ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين
– وقد مكر الذين من قبلهم فلله المكر جميعًا
وختامًا أذكر لكم بعض التوجيهات الربانية للمؤمنين في مواجهة الكيد والمكر وهي كثيرة ونذكر منها ثلاثة أمثلة فقط
1- الله سبحانه وتعالى يخاطب نبيه صلى الله عليه وسلم:
قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون فلا تنظرون . إن ولييّ الله الذين نزّل الكتاب وهو يتولى الصالحين.
2- ما جاء على لسان هود عليه السلام وهو يخاطب قومه:
فكيدوني جميعاً ثم لا تُنظرون. إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم
3- خطاب الله للمؤمنين بصفة عامة:
وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئًا إن الله بما يعملون محيط
وختاما أقول: إن من يخوفك بمؤامرات البشر ولا يذكر لك الصورة كاملة من مآلات هذه المؤامرات وكيفية التصدي لها في كتاب الله، فقد يكون هذا الذي يزعم أنه يحذرك منها هو بعينه من جنود أعداء الأمة -وإن زعم غير ذلك- فهو يمهد الطريق لهم عبر صرف الناس عن تدبير الله وقدرته، إلى خوارق البشر وقدرتهم على تدبير الأحداث وصناعتها وإتمام مخططاتهم.
ومن يفعل ذلك فهو بلا شك فقد وقع في الضلال المبين ويريد أن يضل الناس معه.
وفيما يتعلق بفيروس كورونا نسأل هؤلاء: من يستطيع رفع هذا الوباء وإعادة حياة الناس أفضل مما كانت عليه؟
الإجابة: الله سبحانه وتعالى.
إذن فإن التصرف الطبيعي أن يحدث الناس توبة وأن يتضرعوا إلى الله ويطلبوا منه وحده رفع الضر، وعليهم ألا يستمعوا لأي شخص يصرفهم عن قدرة الله ومشيئته إلى مؤامرات البشر وكيد الشيطان الذي وصفه الله بالضعيف.
مصطفى الشرقاوي