حِينَمَا يُذْكَرُ مَجِيءُ آيَاتِ اللهِ وَعَذَابِهِ فِي الْقُرْآنِ، فَإِنَّ مِنَ اللَّافِتِ أَنَّ الْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةَ أَمَرَتْ كَثِيرًا بِالتَّضَرُّعِ وَاسْتِشْعَارِ عَظَمَةِ اللهِ وَآيَاتِهِ، فَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ:
(وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَاۤ إِلَىٰۤ أُمَمࣲ مِّن قَبۡلِكَ فَأَخَذۡنَـٰهُم بِٱلۡبَأۡسَاۤءِ وَٱلضَّرَّاۤءِ لَعَلَّهُمۡ یَتَضَرَّعُونَ * فَلَوۡلَاۤ إِذۡ جَاۤءَهُم بَأۡسُنَا تَضَرَّعُوا۟ وَلَـٰكِن قَسَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَزَیَّنَ لَهُمُ ٱلشَّیۡطَـٰنُ مَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ)
وَالْيَوْمَ يَرَى الْجَمِيعُ آيَاتِ اللهِ تَبْطِشُ بِالْعَالَمِ أَجْمَعَ، فَهَا هُوَ فَيْرُوسُ كُورُونَا الصَّغِيرُ يَضْرِبُ الصِّحَّةَ وَالْمَالَ وَالْمَصَالِحَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَيَقُومُ عَلَى أَسَاطِيلِ الدُّوَلِ الْعُظْمَى فَيَهُزُّهَا مِنْ أَرْكَانِهَا، ثُمَّ تَجِدُ الْبَعْضَ غَارِقًا فِي تَأْوِيلَاتِ الْمُؤَامَرَةِ، مُسْتَعْظِمًا لِمَكْرِ الدُّوَلِ الْكُبْرَى فِي الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ، مُسْتَبْعِدًا مَكْرَ اللهِ الْعَظِيمِ الَّذِي هُوَ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ.
فَكَيْفَ يُفَكِّرُ هَؤُلَاءِ؟؟
لَا دَاعِيَ لِلْعَجَبِ، فَفِي الْقُرْآنِ أَمْثِلَةٌ أَيْضًا لِمَنْ يَنْصَرِفُ عَنْ آيَاتِ اللهِ عِنْدَ مَجِيئِهَا، وَيَغْرَقُ فِي التَّأْوِيلَاتِ الْمَادِّيَّةِ، فَهَؤُلَاءِ قَوْمُ “عَادٍ” جَاءَتْهُمُ الْآيَاتُ وَالْإِنْذَارَاتُ، حَتَّى أَكْثَرُوا الْجِدَالَ وَالْإِنْكَارَ، وَحِينَمَا اِقْتَرَبَ مِنْهُمُ الْعَذَابُ سَارَعُوا إِلَى تَأْوِيلِهِ وَقَالُوا: هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا، فَعَمِيَتْ أَبْصَارُهُمْ عَنِ الْحَقِّ وَمَا نَجَّاهُمْ تَفْسِيرُهُمْ لِلْأَمْرِ وَلَا ذَكَاؤُهُمْ.
وَذَلِكَ الْاِبْنُ الْعَاقُّ فِي قِصَّةِ سَيِّدِنَا نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، حِينَمَا أَنْذَرَهُ أَبُوهُ النَّبِيُّ مِنْ مَجِيءِ الْعَذَابِ، فَسَارَعَ لِلْجِدَالِ حَتَّى ضَلَّ فِي تَقْدِيرِ الْأَمْرِ وَحَجْمِهِ، فَقَالَ: سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ، فَأَخْطَأَ التَّقْدِيرَ وَحَالَ الْمَوْجُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَقِّ، فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ.
فَاحْذَرْ أَيُّهَا الْمُسْلِمُ، أَنْ تَرَى آيَاتِ اللهِ فَلَا تَعْرِفُهَا وَلَا تُدْرِكُهَا، ثُمَّ يُزَيِّنُ لَكَ الشَّيْطَانُ تَحْلِيلَاتِكَ الْوَاهِمَةَ، لِيَصْرِفَكَ عَنْ آيَاتِ اللهِ، فَتُخْطِئَ فِي تَفْسِيرِ الْأَمْرِ أَوْ تَقْدِيرِ حَجْمِهِ، حَتَّى تَغْرَقَ فِي ظُلُمَاتِ الضَّلَالِ وَتَخْسَرَ طَوْقَ النَّجَاةِ.
فَعَجَبًا لِعَقْلِ الْمَرْءِ إِذَنْ،
إِنْ هُوَ اسْتَعْظَمَ مُؤَامَرَاتِ الْبَشَرِ وَمَكْرَهُمْ..
وَفَاتَهُ أَنْ يُدْرِكَ عَظَمَةَ اللهِ وَمَكْرَهُ..