ساقني القدر ليلة أمس للخروج في مهمة ليلية، لم أفعلها منذ انتشار فيروس كورونا، فإذا الشوارع كما تخيلت خالية وكأنها مدينة أشباح، تلك التي كانت لا تنام تقريبا!
مررت في جولتي بمجموعة من المقاهي العربية والتركية فإذا بها جميعا أغلقت، وقد كانت هذه المقاهي قد استحدثت أمرا لم يكن من قبل، وهو إحضار فتيات يكشفن عن أجزاء من أجسادهن يجلسن على باب المقهى لدعوة المارة للدخول، وبداخل هذه المقاهي تجد فقرات الغناء والرقص وسط دخان الشيشة الكثيف!
ومما تعجبت من إغلاقه أيضا هي محلات بيع الخمور المنتشرة في الشوارع بشكل كبير، حتى أن شارعي وحده الذي أسكن فيه به خمسة أو ستة محلات لبيع الخمر، ولابد أنها أصبحت تغلق مبكرا بعد الأحداث الأخيرة!
صحيح أغلقت المساجد أمام صلاة الجماعة، وهو أمر يثير الحزن، ولكن كذلك الملاهي الليلية والبارات والمقاهي المشبوهة، وهو أمر غير معهود بهذه البلاد منذ زمن كبير!
إن هذا الوباء من أكبر الآيات التي رأيناها، فما كنا نظنه مستحيلا، فإذا هو في غاية السهولة! كنا ننادي دائما بأنه قد حان الوقت لإغلاق مثل أماكن المنكر هذه، ولكن كان الجواب الأسرع هو أنه ليس وقته، الناس ستغضب، الناس لن ترضى، الناس في حاجة إلى التروي سنة بعد سنة بعد سنة!
فإذا بقرار واحد، دون تدرج ولا تربيت على الرؤوس، تُغلق كل أماكن اللهو، ويجلس الناس في بيوتهم لا يعترض أحد!
مع الأسف لم يخافوا من رب العالمين، وإنما من كائن مسخر لا يُرى بالعين المجردة، أصغر حتى من بعوضة، تلك التي ضرب الله بها المثل في كتابه!
هذا البلاء رغم حجمه إلا أنه يمر علينا مبطن بلطف من الله، الذي لو يؤاخذ الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة!
فلو استقر ذلك في قلوبنا، أن كل شيء بأمر الله وتقديره، لرجعنا إليه، ولعظمنا أحكامه وشرائعه!
هيثم خليل – تركيا