قديماً نُقل عن غلاةِ المرجئة قول : لا يضر مع الإيمان ذنب، كما لا ينفع مع الكفر طاعة .
ويقصدون التهوينَ من شأن المعاصي وكبائر الذنوب، فما دمتَ مؤمناً فلا يضرك بعد ذلك ما ارتكبت من خطايا .. وأنت إلى الجنة!
وهذا الذي نجده ونحس به في زماننا، بل بصورةٍ أقبح مما كان عليه معتقدو الإرجاء قديماً، فمصيبتُنا الكبرى في هذا الزمان هو الإرجاء الحزبي الذي لا يرى كفراً ولا معصيةً ولا خيانةً للجماعة والحزب والتنظيم الذي ينتسب إليه الشخص مهما ولغوا في الكفر أو الخيانة أو الخطيئةِ أو الدياثة، وكيف يرى هذه الموبقات وقد حلَّ اسمُ الحزب والجماعة محلَّ مسمى الإيمان، فأصبح عند غلاة مرجئة الأحزاب لا يضر مع حزبهم معصيةٌ، كما لم يضر مع الإيمان معصيةٌ عند غلاة المرجئة القدماء!
وهذه مشكلة كبيرة جداً، إذ إنَّها جعلت كثيراً من المنتمين إلى الأحزاب والتنظيمات أجساداً بلا أرواح ويحملون رؤوساً بلا عقول، وقلوباً بلا مشاعر وأحاسيس إلا ما أوحى به الحزب إلى أوليائه!
وإلَّا ماذا تسمي التصريحات التي تخرج بين الفينة والأخرى لحركة حماس في مديح إيران المجوسية في الوقت الذي تقوم فيه إيران بارتكاب أبشع المجازر والتهجير والحرب الطائفية والتغيير الديمغرافي ضد الشعب المسلم الأعزل في سورية؟!
مديحٌ وتعظيمٌ وثناءٌ لا ينتهي وتلميعٌ لوجه المجوسية وعمائم الملالي القذرة .. وكل ذلك يصدر عن رؤوس وقيادات الصف الأول في حماس!
فإذا انتقد أحدٌ هذه الخيانة قامت قيامة المتحزبين والألتراس ومن يفكر بعقلية القطيع ليشنِّعوا على من انتقد ويسبوه ويتهموه في دينه وربما عرضه، وأمثلُهم طريقةً يقول: حماس تاج راسك … إلخ
تقوم قيامةُ هؤلاء لأجل حماس، ولا يستحون من أنهار الدماء وينابيع الدموع وصرخات الأطفال وآهات الأمهات في سورية … ألا سُحقاً لكم!
لو كان عند حماس ومن معها ذرة كرامة لاستحت من الله ورسوله ودماء المسلمين ودموع الأرامل والأيتام!
تريدون أن نبكي على غزة فقط لأنكم أنتم من يحكمها .. تريدون أن نعظّم دماء الفلسطينيين فقط .. أمّا إدلب فنحب من يقصفها ويدمرها ونلقي عليه أعظم الأوصاف والألقاب.
دماءُ أهل سورية لا قيمة لها، أما دماؤكم مدادٌ من ذهب .. القضية فلسطين فقط ولا قضية غيرها!
ووالله إنها منذ زمن وإلى الآن للتجارة والتمويل ليس إلا.
قبل أيامٍ تُنسب تصريحات لإسماعيل هنية لوكالة روسية يثني فيها على النظام السوري، وسواء صحت هذه التصريحات أم لم تصح بحروفها، فهذا هو الواقع والحال!
واليوم هو ما يسمى بيوم القدس العالمي .. الذي ابتدعه الخميني المجوسي لعنه الله وقامت حركتا الجهاد وحماس – مأزورتين غير مشكورتين ولا مأجورتين – بإدخال هذه البدعة وهذه الخدعة إلى المجتمعات المسلمة السنّية تحت شعار القدس وفلسطين.
وما هذا اليوم بالنسبة لي إلا كيوم عيد الأنوار (حانوكا) اليهودي ( عيد تكريس الهيكل ) لكن تحت اسم الخميني بدلاً من يهودا المكابي!
وبمناسبة يوم القدس الإيراني أو إن شئت فقل ( يوم قُم العالمي ) يخرج رئيس حركة حماس في غزة يحيى السنوار ليجدد العهد والشكر لإيران، ويشنّع على من يلومه على شكر إيران!
وياللعجب لا تكاد إيران ترتكب مجزرة بحق المسلمين في سورية أو العراق إلا – وبمحض الصدفة – تصدر تصريحات لحماس أو الجهاد للتذكير بالمواقف المشرفة للإخوة في إيران وسماحة آية الله العظمى السيد علي خامنئي دام ظله الوارف.
ولو أن غير حماس من فعل ربع أفعالها ومواقفها لرأيت الطعن والتخوين والتكفير والتشهير .. ولكنها حماس التي لا يضر معها كفرٌ ولا فسوقٌ ولا عصيان.
إنَّ دماء المسلمين واحدة في شتى بقاع الأرض ولا فضل لبلد على بلد ولا لشعب على شعبٍ إلا بالتقوى.
فليتقِ الله كلُّ من ينافح ويخاصم عن القيادات الخائنة فإنَّ يوم القيامةِ هو يوم براءةِ المتبوع من التابع، هو يوم لا جدال لأحد فيه عن المبدلين، بل كلُّ امرئٍ حجيجُ نفسه.
عدنان طلافحة
https://www.facebook.com/Adnan.F.Talafheh/posts/1048944395496290