بسم الله الرحمن الرحيم
شهادة د. امير بسام، عضو الشورى العام طرف د. محمود حسين.
“ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا”
أسطر هذه الرسالة لأقدمها لإخواني في جماعة الإخوان المسلمين تبرئة للذمة, وإعذارا إلى الله, وتحذيرا من خطر أراه بين ثنايا الأحداث.
تأتي هذه الشهادة بعد تسارع تنفيذ أحكام الإعدام في مصر والتعديلات الدستورية المرتقبة مع رد فعل دون المتوقع من الجماعة خارج مصر.
سأروي بعض الوقائع والتي تثير في نفسي تساؤلات تدق ناقوس الخطر وتستوجب الحذر.
منذ حوالي ستة أشهر قام عبد المنصف المرزوقي بإعلان عن موقع لتجميع 100 ألف توقيع لتقديم عريضة للأمم المتحدة تطالب بإيقاف الإعدامات في مصر. وعلمت بهذا الموقع من مجموعة بريدية إخوانية وهي (مهجة القلب) أي أن النشاط محل قبول من قيادة الجماعة.
بعد فترة تواصل معي أحد الأحباب وأخبرني أن الموقع لم يجمع سوى 19 ألف توقيع فقط وهذا العدد معناه تجرأ السيسي على تنفيذ الإعدامات.
تفاعلت مع أخينا وأرسلت رسالته للأخ محمود الإبياري – وهو من نشر خبر الموقع على المجموعة البريدية – وأرسلت نفس الرسالة للأستاذ إبراهيم منير ود.محمود حسين.
رد علي الإبياري أنه عمل غير تنظيمي و” شد حيلك” ورددت عليه موضحا أهمية الأمر وآلية تبنيه, ولكن لم يحدث أي تغيير, بل شعرت أن هناك رغبة بعدم تبني الأمر وهو ما ظهر في زيادة طفيفة جدا في عدد الموقعين لا تزيد عن الألف كان نتاج جهود فردية من بعض المتحمسين.
هذا الموقف جعلني أتساءل كثيرا وتدور في ذهني استفسارات عديدة سأطرحها لاحقا.
ولكن أكبر الأسئلة التي تلح علي هو لماذا عدم تبني هذه المبادرة مما أدى إلى فشلها.
موقف آخر زاد من حيرتي وهو ما حدث في زيارتنا لماليزيا -كمجموعة برلمانية – لتهنئة أنور إبراهيم ورفاقه بالفوز في الانتخابات البرلمانية.
فرغم أن الزيارة تمت بعلم مكتب ماليزيا والتنسيق معهم وموافقة د. محمود حسين, ورغم نجاح الزيارة متمثلا في استقبالنا من نائب رئيس الوزراء ودخولنا للبرلمان الماليزي وعقد مؤتمر صحفي بداخله, ومع ذلك تم إجهاض نتائج الزيارة من قبل الإدارة الإخوانية, كيف؟؟
كانت هناك توصية من الجانب الماليزي بإنشاء جمعية صداقة مصرية – ماليزية نستطيع بها التواصل الفعال مع الحكومة الماليزية, وكان هناك تصور بتواصل شبابنا مع منظمات مجتمع مدني وبعض الأحزاب في ماليزيا.
طلبت الدعم من مكتب ماليزيا بتوفير الشباب وميزانية الجمعية وترشيح أفراد لها ووعدوا خيرا.
تمت المماطلة منهم بترشيح الشباب أما بخصوص موازنة الجمعية فقد أخبرني نائب المسؤول أن الرابطة رحبت بالأمر ولكن ا. الإبياري قال لا بد أن نعلم تنظيم إخواننا في ماليزيا, قلت له حينها : سيتم إماتة هذا الأمر, وبالفعل حتى الآن لم يحدث شيء, بل وحدثت اعتقالات عديدة لأحبائنا في ماليزيا.
الشاهد من الأمر ,هذا النشاط تم بعلم الرابطة بجميع هياكلها المعنية ولكن تم تعطيله عمدا مما يضيف تساؤلا مريرا وهو ما هو المبرر لهذا الفعل.
والجدير بالذكر أنه عند اجتماعنا مع وزير خارجية ماليزيا قام الدكتور عبد الموجود بطرح قضية أحكام الإعدام في مصر وإمكانية قيام الوزير بتبني مناهضة هذا الأمر دوليا, فكان رد الوزير هو أن يتم التواصل مع بعض البرلمانيين الماليزيين ليطرحوه في برلمانهم ومن ثم هو يتبناه دوليا.
بعد الزيارة طلبت من البرلمان المصري بالخارج تقريرا أقدمه للبرلمان الماليزي بخصوص أحكام الإعدام ويكون على شكل أداة برلمانية (سؤال, بيان عاجل, استجواب, طلب إحاطة) ومصاغ بطريقة قانونية جيدة, ونفس الطلب طلبته من إخوة محامين أحدهم كان برلمانيا, للأسف بعد تأخر ليس له مبرر, أرسل لي تقريرا حقوقيا أحد بنوده هو أحكام الإعدام في مصر وأرسلته بدوري لأحد البرلمانيين الماليزيين وتحدثت معه لتبني الأمر.
الشاهد من الأمر هو ترحيب وزير الخارجية بتبني الفكرة وكان يمكن البناء عليها بتفعيل النواب المنتمين للإخوان المسلمين داخل البرلمان الماليزي وهم كثيرون بل هناك برلمانيون إسلاميون كثر, هذا لو كان هناك إهتما م بالأمر ولكن لا حياة لمن تنادي ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ثم تأتي مبادرة أستاذ إبراهيم منير الأخيرة دون مشورة أحد فتخرج هزيلة وتجعل أيمن نور صاحب حق علينا, هذا الاستعجال في المبادرة وخروجها بهذه الصورة يوحي أنها “توريطة” مقصودة للرجل.
الأمر الأخير الذي أحدثكم فيه هو ماعلمته من أحد إخواننا في مصر أن البريد المحمول لهم أفاد أن سياسة الجماعة الآن هو الحفاظ على كيان الجماعة ويستوي في ذلك الداخل والخارج.
لا أختلف مع أحد في أهمية الحفاظ على الجماعة ولكن أين مقاومة الإنقلاب ومحاولة حصاره وكسره.
الواقع يؤكد أن القيادة الحالية ليست لها نية مقاومة سلمية وما يطرح علينا من ورقات كل عدة شهور عن الرؤية ما هو إلا استهلاك للوقت واستفراغ لجهدنا.
لعل هذا يفسر لماذا هذه القيادة تصر على تقزيم مجلس الشورى والحزب والبرلمان وتقاوم أي مبادرات فردية, لأن لديها رؤية إستسلامية للأمر الواقع ولكنها تغلف هذه الرؤية بالحفاظ على الجماعة .
السؤال الملح هو كيف وصلنا لهذه الدرجة التي تجعلنا نحيي ذكرى يناير بحفل فني في قاعة مغلقة, وينظم المجلس الثوري فعالية ضد الإعدامات في بريطانيا فيجتمع فيها ما لا يزيد عن عشرة أفراد.
بدأنا بملفات عن الثورة ؛منها السياسي والإعلامي والحقوقي والإنساني وبعد ستة سنوات , تقريبا لا شيء.
إذا كان هذا اللاشيء محصلة جهد بذلناه فقد يكون هناك عذر, أما أن تصبح سياسة الجماعة هو ألا نفعل شيئا فهو الغير مقبول.
ما أخشاه بل و أشعر به هو أن الجماعة استدرجت لأن يكون خيارها هو الصبر وليس المقاومة, وأعتقد أن هذا ما حدث بالفعل.
الأمر يحتاج إلى تدخل كل من له صفة في هذه الجماعة والتي صارت تدار بصورة لا تصلح أن يدار بها أصغر مؤسسة.
لا يعقل أن نتكلم عن القائم بالأعمال وهو مصدر التوجيه وهو مختفي تماما وهو ما لايصح لاعقلا ولا شرعا.
أليس من الممكن أن يكون هذا الإختفاء تحت سيطرة المخابرات دون أن نشعر.
ما الذي يضمن لنا أن المعلومات تصله أو هو مصدر التعليمات وحتى لو هو مصدر التعليمات هل يصح أن تدار الجماعة بفرد واحد مختفي.
عند الجد يقولون أنه لا يدير ,ولكن يراقب, وعند السؤال يقولون هذه تعليمات القائم بالأعمال.
إننا نعيش مرحلة من أخطر مراحل الدعوة والتي لا يصح معها سكوت أو تراجع.
ألا هل بلغت, اللهم فاشهد.