نشرت صحيفة “الموندو” الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن دبي الأسطورة الإماراتية المهووسة بجنون العظمة والتي تتدحرج نحو الإفلاس، حيث تمر الإمارة بأزمة حادة. ويتمثل خير دليل على ذلك في انتشار اللافتات التي كتب عليها “للكراء أو للبيع” بشكل كبير على الواجهات الزجاجية للأبراج الشاهقة.
وقالت الصحيفة في تقريرها، إن المحلل جيم كراني أكد أن “دبي تعاني من الأخطاء التي ارتكبتها منذ أكثر من عقد، عندما قام أولئك الذين طوروا المدينة بمراهنات مشكوك فيها من خلال استثمار الأموال في مشاريع غير مضمونة ومكلفة للغاية”. ومن الدلائل التي تسلط الضوء على هذا الوضع، نذكر إلغاء مهرجان دبي السينمائي الذي نظم سابقا ببذخ كبير.
وأشارت الصحيفة إلى أن قصة انحدار دبي نحو الانهيار بدأت بالتجلي منذ نهاية القرن الماضي، عندما عملت إمارة أبوظبي-الإمارة المحافظة والمتواضعة- على إسعاف جارتها وأنقذتها من الوقوع في الإفلاس. وقد أوشكت دبي في ذلك الوقت على الانهيار بسبب انفجار فقاعة الإسكان، وتمكنت من الخروج من هذه الأزمة بعد أن منحتها جارتها أبوظبي حوالي 20 مليار دولار؛ القيمة التي أبعدتها عن الهاوية لفترة من الزمن.
وذكرت الصحيفة أن الأرقام الصادرة عن المركز المالي الكويتي أكدت أن مبيعات المشاريع العقارية الجديدة قد تراجعت بنسبة 46 بالمائة خلال الثلاثي الأول من سنة 2018. كما تراجعت الأسعار في أسواق العقارات بنسبة 15 بالمائة منذ سنة 2014. وفي الوقت الراهن، بدأت شوارع دبي تشعر بحالة الركود التي تشهدها الإمارة، التي تأوي على أراضيها 5.6 ملايين شخص تتنوع جنسياتهم إلى حد كبير.
وأوردت الصحيفة أن نسبة الإماراتيين من مجموع سكان دبي تقدر بحوالي 23 بالمائة فقط. أما باقي السكان فهم من الهنود والباكستانيين والفلبينيين الذين يشكلون الجزء الأكبر من السكان الدوليين والمتنوعين. وتعد هذه المجموعة من اليد العاملة الأقل تأهيلا والتي تعيش في ظروف مريعة تقارنها منظمات حقوق الإنسان بالعبودية.
والجدير بالذكر أنه لوحظ تزايد عدد حالات الفصل من العمل واللجوء إلى إجراءات التقاضي العمالي، في دبي وذلك بالتزامن مع تزايد المهام المستحيلة في الإمارة وظهور علامات الفشل والضعف.
ونقلت الصحيفة عن المحلل في جامعة رايس بالتكساس، جيم كراني أن “أبوظبي، التي يحكمها أبناء عم آل مكتوم والذين يسيطرون على 90 بالمائة من نفط الإمارات العربية المتحدة، جعلت دبي تخسر جزءا كبيرا من استقلالها الذاتي. كما أُجبرت عائلة آل مكتوم على الخضوع لرقابة أشد بكثير من قبل حكومة اتحاد الإمارات، التي يقع مقرها في أبوظبي”.
وأفادت الصحيفة بأن إحدى تبعات الإنقاذ والحماية التي وفرتها أبوظبي لجارتها تمثلت في فقدان دبي لخاصية “الحياد السياسي”. في هذا السياق، أوضح المحلل كراني أن “العامل الذي ساعد دبي على تحولها إلى مدينة تجارية هو استعدادها للعمل مع أي طرف. لكن، بسبب الضغوط المسلطة من قبل أبوظبي وواشنطن، أُجبرت دبي على إيقاف جزء كبير من تجارتها مع إيران”.
وأوضحت الصحيفة أن حالة الركود والإفلاس التي تشهدها دبي تسببت في تراجع مستوى الترف والرفاهية. ويتمثل خير دليل على ذلك في تأجيل نسخة سنة 2018 من مهرجان دبي السينمائي، التي تواصل تنظيمها منذ 14 سنة على التوالي خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر، وقد تم الإعلام عن ذلك بشكل مفاجئ منذ شهر نيسان/ أبريل الماضي. وفي وقت لاحق، أكد لجنة تنظيم المهرجان أنه سيتم تنظيم المهرجان خلال مناسبتين من السنة القادمة.
وأشار الصحيفة إلى أن الصحافة العربية جعلت من التراجع البطيء لدبي موضوع الساعة، كما لم تتردد عن الحديث عن إغلاق الفنادق والحانات، وتخلف بعض الشركات العامة عن سداد الأجور، وعدم سداد الشيكات المتخلدة بذمة الإمارة. ومن بين المواضيع الأخرى التي تحدثت عنها الصحافة العربية نذكر حالة الفراغ التي يشهدها سوق الذهب في دبي، وتراجع المبيعات في المحلات التجارية الكبرى على غرار دبي مول، الأكبر في العالم والذي يشكل رفقة برج خليفة الضخم أحد الأعمال المعمارية والهندسية الأعلى في العالم بارتفاع يصل إلى 828 مترا.
وفي الختام، قالت الصحيفة إن دبي لا زالت تمثل الخيار الأفضل في الإمارات العربية المتحدة، لكنها ليست الخيار الوحيد. وفي ظل هذا الوضع، أكد المحلل أنه “على دبي أن تحسن التعامل مع المنافسة التي تواجهها”. ومن مظاهر الإفلاس الأخرى، نذكر تأجيل مشروع توسيع مطار آل مكتوم الدولي.