لا يجد اليمنيون في إحدى قرى مديرية أسلم أكثر من أوراق الشجر ليصنعوا منه عجينة خضراء حامضة الطعم يتغذون منها ويطعمون أولادهم في ظل الصعوبات التي تمنع وصول المساعدات الغذائية إلى تلك المنطقة الجبلية النائية.
في قرية مشردا، تعالج أم زهرة ابنتها البالغة من العمر سبعة أشهر من سوء التغذية الحاد، وقد اصطحبتها مرة إلى المركز الطبي الوحيد في المنطقة، لكنها لم تعد تستطيع الذهاب بها مرة أخرى لأنها لا تملك مع زوجها المال الكافي للوصول إلى المركز مرة أخرى.
وتقول مديرة المركز الطبي إن الطفلة الهزيلة قد تموت ما لم يتم علاجها بأسرع وقت ممكن، خصوصا وأن أمها النحيفة لا تستطيع تغذيها من حليبها بالشكل الكافي.
وكالة أسوسيتد برس قالت إن المركز الطبي في قرية مشردا لا يضم أطباء متخصصين في طب الأطفال ولا توجد كهرباء أو أسطوانات أوكسجين. وليلا، يستخدم المسعفون مصابيح يدوية بسبب عدم وجود وقود للمولدات الكهربائية.
وتقول رئيسة المركز الصحي، مكية مهدي، إنهم يتلقون أسبوعيا 17 حالة متقدمة من حالات سوء التغذية، مشيرة إلى أنه لم يعد الأمر يتعلق بحالات “سوء تغذية متوسط أو في المستوى الطبيعي، بل سوء تغذية وخيم”.
الجوع المتفاقم في محافظة أسلم الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي في شمال اليمن، أحد مظاهر الثغرات في نظام المساعدات الدولي، الذي وعلى الرغم من كل شيء يحول دون موت المواطنين جوعا في هذا البلد الذي تفتك به الحرب منذ أكثر من ثلاث سنوات.
في محافظة حجة، حيث تقع مديرية أسلم، سُجلت منذ بداية السنة نحو 20 حالة وفاة لأطفال بسبب الجوع. ومات ما لا يقل عن خمسة أطفال في أسلم وحدها. ومن المؤكد أن العدد الحقيقي للوفيات أعلى بكثير، لأن معظم العائلات لا تبلغ عن حالات الوفاة.
يقول عبده علي، وهو أستاذ مدرسة من أسلم: “أنا شخصياً لم آكل أوراق الشجر منذ 20 سنة، منذ بدأت أعمل في عام 1989، قبل الوحدة (توحيد اليمن). لكن الآن وبعد أن قُطع راتبي، أصبحت الوجبة الرئيسية لأطفالي، إنها وجبة الغداء بالنسبة لهم رغم أنها تسبب لهم الحكة والنعاس”.
وتعتبر المحافظة جزءا من معاقل الحوثين في شمال اليمن، وقد استهدفها التحالف بقيادة السعودية بقصف شديد منذ بدء تدخله العسكري قبل أكثر من ثلاث سنوات.