نشرت صحيفة “التايمز” مقالا للكاتب مايكل بيرلي، تحت عنوان “أيام الأمير السعودي الشاب معدودة”، يقول فيه إن الآمال المعقودة على الأمير محمد بن سلمان، بصفته مصلحا يداوي جراح المنطقة، لم تسفر عن شيء.
ويقول بيرلي في مقاله، إن “البداية جاءت بالضجيج الإعلامي، مع تبذير الملايين على شركات العلاقات العامة وجماعات الضغط؛ للترويج للجولة الدولية لولي العهد السعودي محمد بن سلمان في آذار/ مارس الماضي، الذي ينظر إليه على أنه الرجل السعودي القوي، رغم عمره البالغ 32 عاما”.
ويشير الكاتب إلى أنه “بعد مرور ستة أشهر، يبدو احتمال صعوده أقل تأكيدا، حتى إن والده العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز بدأ يبدي بوادر تشككه في الأمر”.
ويقول بيرلي: “ربما كان ابن سلمان لديه تأثير مثل ما تتركه الألعاب النارية، وأقنع وزير الداخلية السابق الأمير أحمد بن عبد العزيز محتجين، معظمهم من البحرين واليمن، تجمعوا خارج بيته؛ لإبعاد عائلة آل سعود عن الملك سلمان وابنه الطامح، ورغم أنه قلل بعد ذلك من تعليقاته، إلا أن أميرا منفيا جديدا حث الآخرين على التحرك ضد الأمير ابن سلمان، أو (أم بي أس) كما يعرف في الإعلام الغربي”.
ويعلق الكاتب قائلا إن “الهوة بين الضجيج الإعلامي حول ولي العهد وحقيقته أصبحت جلية للغاية، هل تذكرون مشروع مدينة نيوم ذات التقنية العالية، التي كان ولي العهد السعودي يسعى لإقامتها؟ إن هذا المشروع الذي خصصت له موازنة قدرها 80 مليار دولار، ومساعي إصلاح الاقتصاد السعودي، وفقا لما سماه الأمير محمد بن سلمان (رؤية 2030)، يعتمدان على تعويم 5 في المئة من شركة النفط والغاز المملوكة للدولة (أرامكو)”.
ويستدرك بيرلي قائلا: “يبدو أن الملك سلمان بن عبد العزيز ألغى التعويم؛ خوفا من أن يؤدي تعويم الشركة في نيويورك إلى مصادرة الأصول السعودية؛ بسبب دعوى قضائية أمريكية ضد السعودية بشأن مزاعم عدم الإفصاح عن معلومات عن هجمات 11 أيلول/ سبتمبر”.
وتلفت الصحيفة إلى أن الأمير محمد بن سلمان تعرض لانتقاد داخل السعودية؛ لأنه سيبيع جزءا من أسهم شركة تعد “جوهرة التاج” السعودي للأجانب، خاصة أن الأمراء السعوديين خافوا من أن يكشف البيع عن امتيازاتهم ورواتبهم التي يحصلون عليها من النفط.
وينوه الكاتب إلى أنه تم اعتقال رجل الأعمال والاقتصادي عصام الزامل؛ لمجرد كتابته تغريدة شكك فيها في عرض أسهم الشركة، مشيرا إلى أنه بعد عملية الاعتقالات في ريتز كارلتون في الرياض، فإن 150 مليار دولار خرجت من المملكة، ولم يتدفق المستثمرون إليها.
ويشير بيرلي إلى “مبادرات الأمير محمد بن سلمان الخارجية، فالحرب في الجار اليمن، التي مضى عليها أكثر من ثلاثة أعوام، وتحولت إلى مستنقع خاص به، وبحسب معهد بروكينغز، فإن الحرب في اليمن تكلف ما بين 5- 6 مليارات دولار في الشهر، وبدعم أمريكي وبريطاني، على شكل صفقات أسلحة ودعم دبلوماسي”.
وتذكر الصحيفة أن أكثر من 10 آلاف يمني قتلوا في الحرب، فيما يواجه 8.5 مليون المجاعة، مشيرة إلى أن هجمات الحوثيين ضد الرياض تصاعدت ولم تخف بسبب دعم الحلفاء الشيعة لهم في المنطقة، حيث لا يزالون يطلقون على العاصمة السعودية الرياض الصواريخ الرخيصة.
ويفيد الكاتب بأنه “في كل مرة يعترض فيها صاروخ باتريوت أمريكي صاروخا حوثيا، فإنه يكلف خزينة السعودية 3 ملايين دولار، ولم يمر وقت قبل أن تضرب قنبلة من خلال مقاتلة، تساعد بريطانيا على صيانتها، حافلة مدرسية أو مستشفى، وسيجد وزير الخارجية جيرمي هانت نفسه أمام امتحان إرادة، كما تعرض سلفه”.
ويرى بيرلي أن “محاولة ولي العهد السعودي عزل قطر؛ لدورها المزعوم في دعم الإرهاب، باءت أيضا بالفشل، لكنها أدت إلى تدمير مجلس التعاون الخليجي لصالح ثنائي السعودية والإمارات”.
ويقول الكاتب إنه “لم يبق إلا القليل من مزاعم ولي العهد للتحديث، حيث يستمر قمع شيعة السعودية في الإقليم الشرقي للبلاد، والسماح للنساء بالقيادة تم الترويج له بصورة واسعة، لكن في مقابل ذلك تم اعتقال 13 من الناشطات السعوديات، اللاتي يبحثن عن صور أخرى من الحرية، وعن الحد من وصاية الرجال عليهن”.
ويضيف بيرلي إلى قائمة القمع “ملاحقة رجال الدين، وبينهم قاض من مكة، وبعض هؤلاء لديهم معجبون كثر على وسائل التواصل الاجتماعي. واعتقل الداعية سلمان العودة العام الماضي، بموجب قانون أمن الدولة، وبعد تعيين ابن سلمان وليا للعهد، وتزامنت الاتهامات ضده بمحاكمات آخرين لعلاقتهم المزعومة مع الإخوان المسلمين و(راعيتهم) قطر”.
وبحسب الصحيفة، فإن الاتهامات تشمل “السخرية من إنجازات الحكومة”، و”الهجوم على الوطن والولاء للحكومة والبلد”، لافتة إلى أنه عندما كتب شقيق العودة، خالد، تغريدة عن اعتقال شقيقه تم اعتقاله هو الآخر، بناء على قانون السلطة الوطنية للأمن الإلكتروني.
ويختم بيرلي مقاله، بالقول: “محمد بن سلمان ليس إصلاحيا، ولا رجلا قويا؛ لأن والده يمكنه بجرة قلم أن يغير الولاية ويجرده من السلطة، وقد يحدث ذلك سريعا في ظل زيادة الغضب من الأمراء، ولهذا السبب نام ابن سلمان طوال الصيف في يخت رسا على ميناء جدة”.