الحمد لله الذي أبانا .. مسلك من حاد ومن توانا
فقد أراد الحق أن يذيعا .. وسنة المختار أن تشيعا
وأكبرَ العلمَ ومن علّمَهُ .. من نشرَ العلمَ فقد عظّمَهُ
ثم الصلاة والسلام تترى .. على العظيم هيبة وقدرا
وبعدُ هذا النظمُ للدفاعِ .. ورد كيد سيئ الطباعِ
سميتها أرجوزة الرجومِ.. لأدفع البغي عن النجومِ
فقد أتى غر من الصغارِ.. ببغيه يطعن في الكبارِ
ينشر في حسابه بَواقعا.. تملأ من هرائه المواقعا
فلم أُطق لظلمه سكوتا .. وإن أكن في مجملي صَموتا
فقلت هذا النظم مستعينا .. “راضٍ به مدبرًا معينا”
لما سمعت القول قولا منكرا .. شيّدت من قول القريظ منبرا
ثم استللت حرفي الصقيلا .. لأنحر الإفك الذي قد قيلا
فقد فشت في ذا الزمان نابتةْ .. أقوالهم في الحق ليست ثابتةْ
يُنقّبون جَهدهم عن الزللْ .. ويصرفون جُهدهم عن العملْ
وما دروا لمكثهم في الغيِّ .. أنْ ليس معصوما سوى النبيِّ
فكلُّ من سواه قد يزلُّ .. يكثرُ ذاك الأمرُ أو يقِلُ
فكيف يفرِش الظلومُ نِطعا .. لمن أراد وجه الله قطعا
بل حقهم أن يُرفعوا تكريما .. وتُصطفى أسفارُهم تعظيما
لمْزُ العُدولِ سنّة الضُّلّالِ .. ورميهم بأقبح الخصالِ
فمن رمى العُدولَ شُكَّ فيهِ .. وضع ترابا ساخنًا في فيهِ
فإنهم من نقلوا الكتابا .. وعلمونا الهدْيَ والصوابا
وقد أتى الغِرُّ إلى الثقاتِ .. بأبشعِ الكلام واللغاتِ
ذاك الذي هانت عليه نفسُه .. عن الكلام الحق غابت شمسُه
فصار جرّاحا يكيلُ الزيفا .. ميزانُه قد أدمن التطفيفا
يكسو عموم القول بالخصوصِ .. مستشهدا بأبعد النصوصِ
لو كان قولُ الحقِ مبتغاهُ .. ما بتر النصَّ الذي أخفاهُ !
مقمّشا ملفّقا مزوّرا .. مغيّرا مقدّما مؤخِّرا
كأنه مالكُ في المدينةْ .. وما درت شمالُه يمينَه
ومثله يصعب أنْ يُفيقا .. وأن يرى بقلبه الطريقا
إلا إذا شاء الإله وحْدهُ .. إلى طريق الحقّ أن يردَّهُ
لا تتلطخ بدما الأكابرِ .. من سكبوا الأرواحَ في المحابرِ
كم نقّحوا بصبرهم فُصولا .. ثم انثنوا ليشرحوا الأصولا
لو كان فيما سطّروا ضلالُ .. لما سمعت مدحَهم يُقالُ
فقد تولّى وحده سبحانه .. أن يدفع الوهم عن الديانة
وليس من ذاك انتشار المدحِ .. لمن تعاطى دينه بالقدحِ
فرحمة المعبود بالعبادِ .. ألا يقوم الدين بالفسادِ
قد يخطئ العالم في مقولِه .. ولم يرد بغيًا على رسوله
بل كان في ذاك يرومُ الحقا .. ويبتغي فيما يقول الصدقا
فاحذر أخا الإسلام أن تميلا .. في فتنة عن الهدى قليلا
فإنما قليلُها كثيرُ .. وفي غدٍ سؤالها عسيرُ
ماذا تقول في غدٍ للمولى .. وقد أسأت في التقاةِ القولا
من قال بهتانا ولا يبالي .. أُسكن ذلا ردغة الخبال
كم نصب الشيطان في الطريقِ .. فخّا لنصلى ظلمة الحريق
فاحذر من المساس بالأشياخِ .. فإنها من أسوأ الفخاخِ
لا تُستفزَّنَ على الوقيعةْ .. فإنها حربٌ على الشريعةْ
من طعن الحُفّاظ والأعلاما .. فإنما يستقصدُ الإسلاما
إذ كيف كان يؤمن الخبيثُ .. في نقله، ويُحفظ الحديثُ؟
إن أُسقط العالم في العيونِ .. يسقط ما صاغ من المتونِ
وتترك الأمة عنه النقلا .. ويغرس الإلحاد فينا نصلا
ويبعد الناس عن الصلاحِ .. ويأخد العدوُ في النباحِ
فلا تسلْ عن ضيعة الشريعةْ .. إذ كان فعلهم هو الذريعةْ
من قبلهم جاء الحقود الكوثري .. يشتم كل عالم بالأثرِ
فمالك وأحمدٌ والشافعي .. قد نالهم بكل قول لاذعِ
يكفّر الكبارَ والأئمةْ .. كأنما قد كان في مهمة !
فجاءه الأعلامُ والغَيارى .. فصيّروا حروفه غبارا
أشهرهم أعلم من في الحرمِ .. في وقته أعني به المعلّمي
فقد شفى بعلمه الغليلا .. لما أبان حرفُه (التنكيلا)
وناصر الدين أتى يرافعْ .. عن خيرة الرجالِ وابن مانعْ
وبكر والمحب والبيطار .. والبُشتويّ كلهم قد ثاروا
فصار ذِكْر الكوثريِّ شُؤما .. من ظلم العدولَ زاد لؤما
فأنتمُ كالكوثريِّ ظُلما .. وإن يكن أكثرَ منكم علما
فالله يجزيه ويجزيكم بما .. أضعتمُ حقّ كبار العُلما ..
يا باحثا عن سقطة السيوطيْ .. في زمن يرقص فيه اللوطيْ
وناشرا في فرية سخيفةْ .. أقوالَ من سبّوا أبا حنيفةْ
وناكرا أفضال يحيى بن شرفْ .. وناسبا هذا الهراء للسلفْ
وناقما يا ذا الجهولُ العاري .. على الذي دبّج فتح الباري
وتاركا أقوالَ من زكّاهمْ .. وآخذا بقول من عاداهمْ
من أنت يا من تلمزُ الأشياخا؟ .. فقد ملأت كوننا صراخا
مثلك لا يصلح عبدًا عندهم .. فكيف ترجو أن تُرى ندًّا لهم؟
أما سمعت الطعنَ في الصحيحِ .. وغيره من ذلك القبيحِ
تجرّأوا بغيا على البخاري .. وغيره من جِلّة الكبارِ ..
تركتَهم وجئت مثل الأفعى .. إلى جلال الدين ظلمًا تسعى
مولّيًا ظهرك للبغاةِ .. وباذلا نفسك للغلاةِ
وناسيًا في عصرنا الأقزاما .. من عبدوا الشيطان والأصناما
وتاركا من نشروا الإلحادا .. ومن أذاعوا الفسقَ والفسادا
مقلّدا في قولك السخيفِ .. ذاك الذي يُعرف بالخُليفي
متّبعا إمامَك الحدّادي .. قد يلأم الجرحُ على الفسادِ
كيف استطعت أن تصوغ الزورا .. وتتقن الخصام والفجورا
ببترِكَ الأقوال من سياقِها .. وليّك النصوص من أعناقِها
وجمعك الكلامَ في سياقِ .. لتدمغ الإمامَ بالنفاقِ
ينسبُ (شمس الدين!) “للجلالِ” .. كتابَ لهوٍ واسعَ الضلالِ
يُجعل فيه أعظمُ الآياتِ .. للسّخف والمجون والنكاتِ
لو كان قاله على التحقيقِ .. لكان ثابتًا بلا تشقيقِ
ولم يكن ممَوهًا تمويها .. يذكُره من رغِب التشويها
كم من كتاب مسّه التدليسُ .. ينسبه لعالمٍ إبليسُ ..
ثم ألا ترى التناقضَ الجليْ .. وهو على أهل النُّهى لا ينطليْ
فقولُه في كُتْبه المشهورةْ .. ينقضُ أصلَ الفريةِ المبتورةْ
فهو الذي ينقلُ في “الإتقانِ” .. حُرمةَ الاستشهاد بالقرآنِ
في موضع الهزل وفي المجونِ .. فإنه من جُملة الجنون
فلو جعلتَ محكم الأشياخِ .. أصلًا لما مشيت في السِّباخِ !
ثم افترضْه ألّف الكتابا .. ألا يصحّ أنه قد تابا؟
فهو الذي لم يذكر العنوانا .. في كُتْبه، كأنه ما كانا
لا يُنسب الكتاب -إلا جزما- .. لكاتب، ديانةً وحزما
فإنّ عقدا باطل الشروطِ .. كنسبة الكتاب للسيوطيْ
كيف وقد ألف واستفاضا .. فثار نهر علمه وفاضا ..
كأنه ما صَبّ في السطورِ .. نورَ الهدى في “درّه المنثورِ”
ولم يُفض في الشرحِ والبيانِ .. ما قد رآه الناسُ في “الإتقانِ”
وغيرها قد عُدّ بالمئاتِ .. وذاك لا شك من الهباتِ
أين التقى من هذه النفوسِ .. أم أنه بحثٌ عن الفلوسِ ..
لو قيل هذا القولُ في أبيهِ .. لردّه بالمكر والتمويهُ
فكيف يرضى أن يذمَّ الأعلى؟ .. ما سمع الغرّ بباب أولى!
إنْ دُفع البغيُ عن الأقلِ .. فدفه أولى عن الأجلِّ
لكنما قدر الثقات قلا .. في قلبه، حتى رأينا الغلا
للبغي منهج وللزيغ سمةْ .. يدركه مَن دينُه قد ألجمهْ
ومن أراد اللهُ أن يضلّهْ .. أعماه عن إبصارِه الأهلةْ
فلو قرأت مخلصًا قرآنا .. على فؤادٍ ظالم ما لانا
فلا تُطلْ عندهمُ المكوثا .. ولا تفتّشْ عنهم البثوثا
فكلُّ ذاك فتنةٌ وشرُّ .. فاصبر فكل حادثٍ يمرُّ
واهجرْ كلام من تمادت ظلمتهْ .. حتى وإن شاخ وطالت لحيتهْ
واستمسك العمرَ بهدْي من سلفْ .. ودع هراءً سكّه أهلُ الصلفْ
فالدين لا يؤخذُ من غويِّ .. بل من تقيٍ صالحٍ سويِّ
تمّت بحمد الله في ساعاتِ .. في مئة كانت من الأبياتِ
فارحم إله الحق من قراها .. وزد من الرحمة من وعاها
ثم الصلاة والسلام الدائمُ .. على النبيْ ما غردت حمائمُ
علي جابر الفيفي
٢٥ ذي الحجة ١٤٤٤