كانت الكوارث موجودة دائما، بل كانت في القديم أخطر مما هي عليه الآن: “الحروب والمجاعات والأوبئة” في الأزمنة الماضية لا تقارن في درجة فتكها بالموجود الآن..
ولكن الفرق في تأثير الصورة!
قبل أربعين سنة مثلا، كانت الكارثة تحدث في بلدك فترى عنها تقريرا من بضع دقائق في نشرة الأخبار المسائية، ثم تقرأ عنها مقالا في الصحيفة – إن كنت قارئا. أما ما يحدث في البلاد البعيدة، فقلّ أن يصلك منه شيء ذو بال..
أما اليوم: فقد رأيت خلقا من الناس وصلوا مرحلة الوسوسة والقنوط والرهبة من المستقبل:
. بسبب متابعتهم اليومية لأخبار الكوارث؛
. وبسبب لعب وسائل الإعلام على وتر إثارة العواطف لتكثير المتابعة؛
. وبسبب وقوع الكتّاب في مواقع التواصل في هذا الفخ، وحرصهم على إظهار التفجع والتوجع ونشر الصور الدامية والمقاطع الحزينة، ليظن بهم أنهم متعاطفون مع ما يحدث..
والحق أن وفرة الكلام عن الفواجع ليست ظاهرة صحية، ولا هي من المطلوب شرعا. بل آثارها وخيمة، منها: التطبيع مع الابتلاءات لدرجة عدم الاعتبار والتفكر، وإلف وقوع المصائب إلى درجة عدم العمل على مد يد العون للمحتاج، والقنوط من رحمة الله، وإلحاد المتشككين والمترددين وغير ذلك..
وعموما: صرنا في زمن الصورة والعاطفة والتنقل السريع بين الأحداث، وغياب القدرة على التحليل المتأني. صارت الأحداث المتقلبة تصنعنا وتشكّل وعينا، بدلا من أن نكون صناعا للأحداث بوعي وبصيرة.
وللكلام بقية..
البشير عصام المراكشي