– كثير من المنتسبين للإسلام يخل بالتوحيد، ويخل بالعبودية لله، ويحسب مع ذلك أنه على خير. ومن أوضح الأمور التي يحصل فيها هذا الإخلال التفلت من الأحكام الربانية في النظرة للنفس والآخرين والتعامل معهم، والنفورُ من القسمة التي جاءت بها الآيات والأحاديث: إيمان وكفر، ومؤمن وكافر، والشك في صلاحية الإسلام لتنظيم العلاقات بين الأفراد والمجتمعات.
– أصبح كثير من أبناء المسلمين لا يتقبل مركزية الخالق والعبودية والخضوع للخالق وتوحيد الخالق في هذا كله، ويرى أنه لا بد من معايير بديلة، وأننا نحتاج أن نأخذ من الإسلام أخلاقياته وشعائره التعبدية ونعيش حاضرنا بمفاهيم العلمانية والمواطنة العالمية (global citizenship) والمساواة بين المواطنين في البلد الواحد أو بين سكان الأرض بغض النظر عن أديانهم، وأن نعتمد المعايير الإنسانوية، فالإنسان الجيد هو الخلوق مع الإنسان بغض النظر عن معتقده وعلاقته برب الإنسان، والإنسان السيئ هو الذي يسيء للإنسان بغض النظر عن معتقده وعلاقته برب الإنسان. وهذا من أوضح تجليات مركزية الإنسان كبديل عن مركزية الخالق تعالى.
– أصبح كثير من أبناء المسلمين يرى أن علينا أن نشطب من قاموسنا وصف الآخر بالكافر أو المشرك لأن هذا يهدد النسيج المجتمعي في ظنهم والوحدة الوطنية والتعايش بين سكان الكوكب.
– ومع نقل المركزية من الخالق إلى الإنسان تحول الحق من مطلق إلى نسبي. فما عاد الحق عند هؤلاء هو ما يقول الله تعالى عنه في القرآن أنه الحق، وما يقول رسوله صلى الله عليه وسلم أنه الحق. بل يقولون لك: هذا حق بالنسبة لك، لكنه ليس حقاً بالنسبة للنصراني أو اليهودي أو البوذي. أنت تراه حقاً لكن هم لا يرونه حقاً. وكأن إنكار الآخرين لكون الإسلام حقاً ينتقص من كونه حقاً بالفعل، وكأن إيمانهم بما هم عليه من باطل يجعل باطلهم هذا “حقاً نسبياً” ! فما عاد هناك مركزية للحق بل تعدد له بتعدد الناس.
– وهم بهذا يتحاولون التخلص من حقيقة أن منكر الحق الذي جاء به الإسلام كافر..
– وهذا كله إخلال بمركزية الخالق، إخلال بالعبودية له وبتوحيده برد الأمر كله إليه.
– هذا كله شكل من أشكال الشرك، بجعل المركزية للإنسان، والعبودية لهواه وآرائه، وبإشراك معاييره وأحكامه مع المعايير والأحكام الربانية بل وجعلها بديلة عنها.
– نحن عندما نتكلم عن الشرك فعادةً ما يطرح التوجه للبشر أو الحجر بالركوع والسجود والاستغاثة والدعاء..
– أو شرك التشريع بتنحية أوامر الله على مستوى الحكم.
– لكن يغيب عنا أن هناك شركاً يمارسه أفراد يتوجهون لله في صلاتهم لكن قبلة قلوبهم وعقولهم مختلفة تماماً. وهذا مرض شائع بين عدد من أبناء المسلمين.
– قال الله تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما).
– “يحكموك” تشمل تحكيم رسول الله، المستمدةِ طاعتُه من طاعة الله…في كل شيء، في الحكم على الأشياء أنها حق وباطل، صواب وخطأ، ظلم وعدل…والحكم على الناس: كافر ومسلم. الحكم في هذا كله لله ورسوله، لا للمعايير الإنسانوية.
– فالمسلم ينطلق في هذا كله من تقديم حق الله وتعظيم الله، مؤمنا بأنه أحكم الحاكمين وأن في حكمه الحق والحكمة والرحمة والعدل بين جميع البشر.
من حلقة: أجندات المسلمين الخفية.