أنظارٌ أصولية سريعة، صيد الخاطر، لكشف مغالطات يؤسف لها في الموضوع المثار عن الإذن بالذكر ، ويلقيها بعض الناس باستعلاء، وهي في الحقيقة مقدمات عامية، مبنية مع تحسين الظن على اشتباه مجرد، أو استدلال لاحق على التورط في الفعل، وهذا نفسه حرام:
=الإجازة في القرآن، في الحديث، في الفقه، هي إجازات علمية، وليست إجازات تعبدية.
أي: الإجازة في القرآن هي في روايته وإتقان أحكامه، وليست إذنًا في قراءته تعبدا، بحيث لا تجوز قراءته لغير المجاز، أو بحيث تكون قراءته لغير المجاز أقل ثوابًا من قراءة المجاز.
والإجازة في الحديث ليست إجازة في التعبد به، وكذا الفقه، فالإجازة فيه ليست إجازة في فعل التكاليف.
= ولكن هل الإجازة في القراءة والفقه والحديث تؤدي إلى إمكان تحسين العبادة بها فيزيد ثوابها؟
نعم، ولكن تلك جهة أجنبية، لأن زيادة الثواب ليست موقوفة على مجرد تحسين أداء العبادة، ولكن على الإخلاص والمتابعة.
=صحيح أن معرفة الأحكام المحسِّنة لأداء العبادة داخلة في تحقيق المتابعة، لكن لا تغفل أن المتابعة في ماهيتها فعلٌ إرادي قصدي، وليس علميًّا نظريًّا خالصًا. ولذا ذموا صلاة الفقيه، ولحن النحوي، لأنه يقدر أن يخلِصه في الظاهر.
=ولكن: الإجازة المذكورة هنا هي مجرد التحمل العاري عن البحث والتعلم، أم هي الإجازة على سنن القدماء بالمذاكرة والاختبار والتعليم؟
هي الثانية قطعًا.
فظهر أن الإجازة بالمعنى الأول لا أثر لها اصلًا في العلم أو العمل. والمذكور في فائدتها أمور شكلية أجنبية لا التفات لها في محل الاعتبار هنا.
=ولكن: الإجازة التي فيها التعليم والتفهيم، والتي تحسن الأداء، وقد تحسن معها المتابعة: هي موقوفة على العلم الذي أنزله الله على رسوله، ويتعلمه العلماء، ويقررونه ويكتبونه ويستدلون عليه.
فطريق حصولها: علم الدين الظاهر.
والإلهام عند من يقول به، ومنهم الكاتب: ترجيحٌ فيه، لا استمداد دونه.
=أما الإجازة المدعاة في العبادات فمبناها على علم باطن، أو تجربة.
وكلاهما عار عن الحجية، وحقيقتهما: شرعٌ في الدين بما لم (يأذن) به الله.
ودخولهما في البدعية حاصل، وإلا لم يكن لذم البدعة في الشريعة معنى.
عمرو بسيوني