الشيخ «خالد الجندي»، بحسب ما نشَر عن نفسِه على موقعه الشخصي: اسمه: خالد عبد المحسن حسيني الجندي، ولد في ديسمبر سنة 1961م، يبلغ من العمر نحو (58 سنة) كتب عن نفسِه: «عالم أزهري، وإعلامي معروف، ومؤلف إسلامي، من مواليد القاهرة بمنطقة الحلمية الجديدة، متزوج وله ثلاث بنات، من علماء الأزهر الشريف، وعضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وإمام وخطيب ومدرس بوزارة الأوقاف المصرية، وهو صاحب قناة أزهري الفضائية».
ظهر الشيخ خالد الجندي في أكثر من مقطع ليعلن أنَّه «من شيوخ السلطان»، وقال – باللهجة الدارجة -: «اللي ميبقاش شيخ السلطان حياته قطران»، فهل يصح أن يصف مسلم نفسه بأنَّه من «شيوخ السلطان»، أو من «علماء السلطان»؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أمَّا بعد:
فإن كلمة «علماء السُّلطانِ» أو «شيوخ السلطان» لفظ قديم أطلقَه النَّاس على علماء الشريعة الذين يستخدمهم السلطان الظالم في ترويج ما يريده من الباطل والظلم.
وتخصيص الأمر بالباطل هنا لأن الذي يفتي بالحق وينطق به وينشره في النَّاس إنما يفعل ذلك لوجه الله لا يفعله لوجه السلطان، لذلك لا تصحُّ نسبتُه إلى السلطان، لأن الذي يقضي أو يفتي بالحقِّ يفتي به لله، سواء كان ذلك الحق مع السلطان أو كان عليه.
والقضاء بالحق ونشره والتحدث به عبادة لله تعالى لا ينبغي أن تصرف لغير الله، وهو من أعظم القربات إلى الله تعالى، وعبادة من أعظم العبادات لا يصح أن نشرك مع الله فيها غيره عالمين بذلك قاصدين إليه.
لذلك لا يصح أن نطلق على العالم الذي يقول قولةَ الحقِّ «علماء السلطان» حتى لو وافقت فتواه مراد السلطان، لأنَّه إنما تكلم بالحقِّ إرضاءً للهِ تعالى، وليس إرضاءً للسلطان.
فعلماء السلطان هم الذين يبررون للسلاطين الظلمة ظلمهم وطغيانهم وعسفهم، وانحرافاتهم باسم الدين، ووسيلتهم في ذلك ليُّ أعناق النصوص، وتحريفها عن دلالتهم، ويصدرون الفتاوى التي توافق سياسات الحكام مهما تغيرت هذه السياسات وتبدلت وتعارضت وتناقضت؛ يفعلون ذلك طمعًا في منصبٍ أو جاه أو زعامة أو مال، أو ليدفعوا عن أنفسهم ضررًا يمكن لمثلهم تحمله والصبر عليه.
وها هي كتب التراجم وسير العلماء، تتابعوا جميعًا على مدح العلماء والثناء عليهم بانحياشهم عن السلاطين، وبعدهم عن مخالطتهم، والدخول عليهم، ويذكرون في مدح العالم منهم أنَّه طُلِب للقضاءِ فهرب، وبعضهم كان يهرب ويختفى إلى أن يموت، وبعضهم لم يكن يقبل هدايا السلطان … الخ.
وهذا معروف، أشهر من أن نحتاج إلى تأييده بالأمثلة فهي كثيرة يفوتها العد والحصر.
ولا نجد في كتاب واحد لعالم من علماء الأمة – في قديمٍ أو حديثٍ – مدَح نفسَه أو مدحَه غيرُه من أهل العلم بأنَّه «كان من علماء السلطان».
بل قال المقري صاحب كتاب «نفح الطيب»: «واعلم أن شرَّ العلماءِ علماءُ السَّلاطينِ، … ».
وفكرة تسخير العلماء – خاصة علماء الدين – ليكونوا «شيوخ السلطان» و«علماء السلطان» فكرة استعمارية قديمة، بينها وشرحها العلامة الجزائري مالك بن نبي في كتابه «الصراع الفكري والبلاد المستعمرة ».
وقد استغل هذا المصطلح جماعات من المتشددين في الطعن على كثيرٍ من أهل العلم الصالحين المعروفين بالصدق والأمانة، لمجرد مخالفتهم لهم في الرأي والمذهب، واتهموهم بأنهم من «علماء السلطان»، وربما كان ذلك بسبب أن ما أفتوا به مما يرونه صوابًا بحسب ما فهموا من الدليل الشرعي وافق مصلحة السلطان، وهذا من الظلم والتجني، إذا كان العالم معروفًا بالورع والدين وتحري الحق.
وأنا أسأل الشيخ خالد الجندي: هل يقبل شيخ الأزهر وهيئة كبار العلماء في الأزهر أن تمدح واحدًا منه بأنَّه من علماء السلطان، هل يقرك واحدٌ منهم أن تمدحه فتقول: «فلان من علماء السلطان»؟
اللهم رد أمة الإسلام إلى الحق والعدل بإذنك ، إنَّك على كل شيء قدير!
د. علي عبد الباقي