1- والنَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: أُمِر بالصَّبر على الأذى في سبيل بيان الوحي وتبليغه، فأَمر أصحابَه بذلك، وأمرهم بالثَّبات على التَّوحيد، وإن نُشِرت أجسادهم بالمناشير!
2- ثم أُمِر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بالهجرة، وتَرْك أحبِّ البلاد إلى الله، حتى يتمكَّن من تبليغ الوحي وإقامة التَّوحيد..
حتى يقيم مجتمعًا إسلاميًّا خالصًا مؤسَّسًا على التَّوحيد الخالص، والعبوديَّة المحضة، لله وحده.
3- ثم أُمر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بالعودة إلى مكَّة فاتحًا للقلوب والعقول والمهج والنُّفوس، قبل أن يكون فاتحًا للأرض، ومستعيدًا للمقدَّسات، ومطهّرًا من الشِّرك!
فلم يكن الغرض من الهجرة أن يجد مكانًا يعبد فيه الله وحده، هو ومن معه من المؤمنين، ثمَّ ليفعل المشركون ما يحلو لهم.
هذه ليست وظيفة محمد صلى الله عليه وسلم ، ولا ورثة محمد صلى الله عليه وسلم.
4 – وقد جاء عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: (لزوال الدُّنيا أهوَن عند الله مِن قتل مؤمنٍ بغير حق)، وروي عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مرفوعًا، لكنه لا يصح، نعم صحَّحه بعض الأئمة، وحسَّنه الإمام الألبانيُّ رحمه الله.
5- وقد قال الله عزَّ وجلَّ في القرآن: (والفِتنة أشدُّ من القتل)، وهذا من المُحكَم!!
والفتنة أن يُفتَن النَّاس عن التَّوحيد.
_________
6- فهذان فعلان للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، متعلِّقان بأمر الدَّعوة إلى الله وتبليغ الرسالة، ليس لهما ثالث:
الأوَّل: بيان الدِّين (كلِّه)، بيانًا واضحًا خالصًا من الشَّوائب، إلى (جميع النَّاس).. بلا مواربةٍ ولا مداهنةٍ ولا موازنةٍ ولا تَوافُقٍ، ولا حوارٍ يُفضي إلى التَّنازُل عن شيءٍ من بيان الحقِّ..
الثَّاني: الهجرة.. إلى حيث يمكن بيان الدِّين (كلِّه) إلى (جميع النَّاس) .. بيانًا واضحًا خالصًا من الشَّوائب، بلا مواربةٍ ولا مداهنةٍ ولا موازنةٍ ولا تَوافُقٍ، ولا حوارٍ يُفضي إلى التَّنازُل عن شيءٍ من بيان الحقِّ!!
فمِن أجل بيان الدِّين وتبليغه كلِّه إلى جميع النَّاس؛ بُعِث صلَّى الله عليه وسلَّم.
بُعِث يؤذَى، ويهاجر، ويحاربُ، ويَقتُل، ويُقتَل أصحابُه، ويَنهى ويأمر، ويصلِّي، ويدعو الله ويبكي بين يديه.. لأجل هذا الغرض الواحد، فلذا لم يكن في سعته أن يدَع شيئًا منه.
وقد فعلَ.
فالحمد لله على رسول الله، صلَّى الله عليه وسلَّم!
■ ولذلك أيضًا:
لم يُحفظ عنه صلَّى الله عليه وسلَّم (التكلُّمُ بالمعاريض) في مقام تبليغ الرِّسالة والدَّعوة، ولا أنَّه رأى مفسدةً تقع في التَّوحيد أو العقيدة، ولا غير ذلك؛ فوازَن بينها وبين (مصلحة البقاء في أرضه) أو (التشارك في حكم مكة) أو (التعاون في إدارة المدينة).
أو (المواطنة) أو إقامة الكباري والطُّرق والمستشفيات، إن كان!!
أو (الحفاظ على الودِّ بين المواطنين)، ليعيشوا معًا في هناء وصفاء وخلط بين التوحيد والشِّرك في نفوس المسلمين!
ولا غير ذلك!
(بل) حُفظ عنه صلَّى الله عليه وسلَّم العكس!
فترك النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم قتل المنافقين معلومي النِّفاق عند آحاد المسلمين، لا لشيءٍ سوى مخافةِ أن (يلتبس أمر البيان)!
خشي أن يلتبسِ دينُ الله على من بعدَتْ دارُه عن ديار المسلمين!
فأبى أن يقتل المنافقين، مخافةَ أن يتحدَّث النَّاس أنَّه يقتُل أصحابه!
وليسوا بأصحابِه، وقد أعلمه الله تعالى أنَّهم ليسوا بأصحابه، إنَّما هم منافقون!
هذا؛ والمنافقون: مرضى في وسط الأصحَّاء، يكيدون ليل نهار ليفتنوا المسلمين عن دينهم!
=====
هذه هي الخطوط العريضة لخطَّة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في تبليغ الوحي، {وما ينطق عن الهوى}:
■ البيان الواضح الجليُّ للوحي، مع الصَّبر على الأذى.
■ وإلا.. (من يئويني.. من ينصرني أبلِّغ رسالة ربِّي)، أي: الهجرةَ للوصول إلى حيث يمكن ذاك البيان!
سبحانك اللهمَّ وبحمدك أشهد أن لا إله إلَّا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
خالد بهاء الدين