في تونس منذ أيام، وبعد عامٍ من القرار المشؤوم هناك والذي منع المنتقباتِ من دخول مؤسساتِ الدولة لأسبابٍ أمنية، وفي مدخل إحدى السجون، كان الجميعُ يتجولون بالكمامةِ الطبية، يغطّون وجوهَهم خوفاً من الفيروس المنتشر، ويمتثلون للإجراءاتِ المطلوبة
غيرَ أنّ مسلمةً منتقبةً محرومةً من زيارةِ زوجها في السجن منذ عام بسبب ذلك القرار المشؤوم، وجدتْ في هذا الظرفِ أملاً لزيارةِ زوجها، فاستترت بالكمامة كغيرها واتخذت أخت زوجها رفيقةً لها في الزيارة.
وما إن وصلت السجن حتى امتثلتْ كغيرها للإجراءات الروتينية المطلوبة، من قياس درجة الحرارة والتثبّت من الأوراق الرسمية والهوية، ولكنّ رجلاً من عناصر السجن أو قلْ من عنصريي السجن، لاحظ أنّ الأختَ منتقبة، فأمرها عن دون رفيقتها وعن دون كل الزائرين أن تنزعَ الكمامةَ وتكشفَ عن وجهها، فرفضتْ نزعَ الكمامة، ليتأكدَّ أنّها منتقبةٌ فيمنعَها من الدخول ويسمح به للجميع سواها، وذلك امتثالاً للقانون الوضعي العنصري، الذي تهدّدُ أصنامَ مؤسساتِه قطعةُ قماشٍ صغيرة، فيطمئنّ ويأمنُ بمنع عفيفةٍ عن زيارة زوجها..
حينما تنقلب الدنيا هلعاً، وتتوقف مطاراتُ العالم ومصانعُه، ويغطّي الجميع عن وجهه خوفاً من فيروس صغير، تكون المرأةُ المنتقبة، هي الخطر الوحيد الذي يراه العلمانيون العنصريون، ولا عجب، فإن النفاقَ إذا نزلَ على قلبٍ أعماه وأطفأ بصيرتَه، حتى يأتي بالعجائب والغرائب، بل حتى يتبرّأَ منه العقلُ والمنطق..
العلمانيون الفشلةُ في أمّتنا، الذين لم نعلمْ عنهم نفعاً أو إنجازاً نحسبُه لهم، الذين عجزوا عن التصدي لفيروس عرّى فشلَهم وضعفَهم، يهرعون للذود عن أوطانهم بكشف غطاءٍ صغير عن وجه عفيفةٍ تخافُ الله…
العلمانيون المنافقون، المبهورون بزخرفِ أسيادِهم في الغرب، المتغنّون بحضارة جلاديهم، خائنو الأمّة وتافهوها، أذيالُ الحقد والغيظ، مدّعو التنوير الزائفين، مصدّعو رؤوسنا بتحرير العقل والفكر الذي لا يعرف عدواً سوى التراث الإسلامي العظيم، تنهار أيدولوجيتُهم في شبر قماشٍ يغطي الوجه ويهدم تنويرَهم ومنطقهم..
فيا عنصريّي السجن، أمنتقبةٌ عفيفةٌ خطرٌ عليكم؟ أم حقدٌ وكراهيةٌ وأشباحُ منطقٍ أنتم.. أم أنه الخزيُ والعارُ الذي أبى ألا يفارقَكم..
فوا عجباً لهذا الخزيِ فيكم.. ويا عجباً لأربابِ الضلالِ..
تغطّي وجهَها ذاتُ العفافِ.. فتكشفُ عارَ أشباه الرجالِ..